وفنونها ، ومنها «من لا يحضره الفقيه» والذي هو أحد الأُصول الأربعة
المعتمدة اليوم ، ومنها الخصال ، التوحيد ، علل الشرائع ، معاني الأخبار ، الشرائع
وغيرها.
وأما حياته فقد
نَذَرَ الشيخ الصدوق نفسَهُ للدين والعلم ، ووقف عُمره على جمع الأحاديث والتصنيف
في الحديث والفقه وغيرهما ، وأدّت مساعيه إلى حِفظ كثير من الأحاديث من الضياع ،
فكان له بذلك حقّ عظيم على عاتق الطائفة.
ومن جانب آخر
فقد كان له اتّصال بالملك ركن الدولة البويهي الديلمي صار سبباً لبذر البذرات
الأولى لانتشار التشيّع في إيران ، وذلك على أثر سعاية بعض المخالفين عليه وطعنهم
على الشيعة ، بعد أن بلغ صيت الشيخ الآفاق ، وعُرفت فضائله وسجاياه الحسنة ، وصار
رئيساً لمذهب الشيعة الإماميّة ، ووصل ذلك إلى الملك ، فاستدعاه وطلب حضوره عنده ،
فلمّا حضرَ عظّمه وأجلسه إلى جَنبه وتلطّف به ، ولما استوى المجلس قال له : إنّ
أهل الفضل اختلفوا في أمر الشيعة وبعض معتقداتهم ، وساق الكلام في ما يذكر من
القدح على مذهب الإماميّة ، فأجاب الشيخ بأجوبة شافية ، وأثبت أحقيّة المذهب
ببراهين قاطعة وواضحة أثارت إعجاب الملك والحاضرين ، واعترف بصحّتها المخالفون ،
وقد كتب تلميذه الشيخ جعفر بن محمّد الدوريستي رسالة في شرح مجلسه بحضرة رُكن
الدولة ، وأوردها التستري في مجالس المؤمنين ، والخوانساري في الروضات ، وذكر
النجاشي مجالس أُخَر غير ذلك المجلس.
ومع ذلك فقد
صار مرجعاً للفُتيا ، حيث تواترت عليه المسائل من جميع الأطراف ، ويُرشدك إلى ذلك
ما ذكره النجاشي من كتبه المؤلّفة في جوابات المسائل ، مثل كتاب جواب المسائل
الواردة من واسط ، وكتاب جواب المسائل الواردة من قزوين ، والمسائل الواردة من مصر
، والواردة من البصرة ، والكوفة ، والمدائن ، ونيشابور ، وغيرها.
وقد كانت
ولادته في أوائل القرن الرابع ولم تُضبط ، وذكر النجاشي : أنّ عليّ ابن الحسين رحمهالله كتب إلى الصاحب عليهالسلام يسأله الولد؟ فكتب إليه : قد دعونا لك بذلك ، وستُرزق
ولدين ذكرين خيرين.