شيء منها مرادا ها هنا سوى « الأولى » لأنها كلها ترجع في التحقيق إليه ، فكأنه
أصل لها ، ولأن منها ما علم استحالته ، ومنها ما علم ضرورة ثبوته بينهما ، فلا
فائدة في إشارته إليه ونصه به ، سيما في ذلك المحفل العظيم والجمع الكثير والوقت
الشديد ، مع المشهور من تهنئة من حضر [١] ، وإعلانهم بذلك نثرا ونظما ، ورضاه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسروره بكل ما ظهر منهم من ذلك.
فلو لا أنه
مراده لم يسغ [٢] له الرضى به ، ولوجب عليه الإعلام بغرضه ، والإبانة عن
قصده ، لاستحالة التلبيس والتعمية عليه ، فكأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال ـ بعد أن قدر هم على فرض طاعته ، وثبوت ولايته التي
هي نفاذ أمره ونهيه فيهم عاطفا على النسق من غير تراخ ـ : « فمن كنت أولى به منه
فعلي بعدي أولى وأحق به منه ». ولو أراد ما سوى هذا المعنى لم يكن لكلامه معنى ، ويحل
عن ذلك.
ولا معنى
للإمام إلا من اختص بهذا الشأن.
وثانيها
: نص غزاة تبوك : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي
» [٣] ، ولا مندوحة عن أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد « بمنزلة » جميع المنازل لانتهاء المنزلتين الاخوة
للأبوة ضرورة ، والنبوة استثناء. فلو كان مراده غير ذلك كان مستثنيا أمرا من أمر
مع انتفاء أمر آخر ، تبعا لما استثناه. وانتفاء شيئين من شيء
[١] في فرائد
السمطين ١ ـ ٧٧ ، الباب ١٣ في فضل صوم يوم عيد الغدير وما له من الأجر الجزيل
والثواب الوافر الكثير بإسناده. إلى أن قال : لما أخذ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
بيد علي ـ عليهالسلام
ـ فقال : « من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر
من نصره » فقال له : عمر بن الخطاب : بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى
كل مسلم!
[٣] بحار الأنوار ٣٧
ـ ٢٥٤ ـ ٢٨٩. وفرائد السمطين ١ ـ ١٢٢. ومناقب ابن المغازلي ص ٢٧. وأسد الغابة ٤ ـ ٢٦
، و ٥ ـ ٨. والغدير ١ ـ ٥١ و ٣٩٧ و ٧ ـ ١٧٦. ونهج الحق ص ٢١٦.