عصمته لكان ما أحوج إليه حاصلا فيه ، فلا مزية له مع ذلك على غيره. بل يكون
حكمه في الاحتجاج حكم الغير ، فإن تسلسل إلى غير نهاية كان محالا ، وإن انتهى إلى
معصوم مميز بذلك كان هو المراد ، ولأنه لو جاز عليه ما ينافي العصمة ، لحق بكل من
جاز عليه الخطأ في دخوله تحت الذم والحد والتعزير وغيره مما يتنزه بعض رعيته عنه ،
فكيف يصح وقوع ما يوجب ذلك منه؟
وإذا ثبت عصمته
فلا بد من كونه أفضل الرعية باطنا ، أي أكثر هم ثوابا وأعلى منزلة عند الله ، لأنه
معصوم مستحق من المدح والتعظيم مطلقهما ، فلو لا تميزه بهذه الفضيلة ، لم يثبت له
ذلك ، ولا كان بين المعصوم وغيره ممن ليس كذلك فرق ، ولا بين ثبوتها ونفيها أيضا
فرق.
وقد تحقق الفرق
بما لا خفاء فيه وظاهرا أي في كل ما هو رئيس فيه ، لأنه متقدم على جميع الأمة ، مفروض
الطاعة عليهم. وقبح تقديم المفضول على الفاضل فيما هو أفضل منه فيه معلوم يقتضيه
عقل كل عاقل ، لاقتضاء العقول ، وشهادتها أنه لا وجه لقبحه سوى كونه كذلك ، وطاعة
من يقبح تقدمه في ما بمثله ثبوت الطاعة قبيحة.
ومن لا تجب
طاعته لا تثبت إمامته ، فتقدير كونه مفضولا أو تجويزه ، مناف لكونه إماما ، ولأن ثبوت
فضيلته باطنا يقتضي ثبوتها له ظاهرا ، إذ التفرقة بينهما أو إثبات إحداهما دون
الأخرى لا وجه له.
وأعلم بالتدبير
والسياسة ، لتولية ذلك ولزوم كون المتولي عالما بما تولاه ، وإلا لم تثبت ولايته.
وبجميع أحكام الشريعة ، لفتواه وحكمه بها ، والحاكم المفتي إن لم يكن أعلم
بالأحكام والفتاوى من المستفتي والمحكوم له أو عليه ، لم يكن