عقاب الكفار ، أجمعوا أيضا عدا الوعيدية [١] على انقطاع
عقاب من وصفنا حالهم.
ولاستحالة
الجمع بين دائمي الثواب والعقاب ، وجب كون المنقطع متقدما على الدائم الذي يحصل
بدلا منه ومعاقبا له.
الكلام
في الإحباط وبطلانه
وقد ثبت بما ذكرناه
أن المستحق من الثواب لا ينفيه شيء ولا يسقطه مسقط ، لأن إسقاطه مناف للحكمة [٢] لكونه مستحقا
على الله لا على غيره ، فتقدير سقوطه بعد ثبوته مناف لحكمته تعالى.
وإذا صح ذلك
بطل التحابط بين الطاعات والمعاصي ، وبين المستحق عليهما. ويبطله أيضا أنه لا
تنافي بين ذلك ، لكونه متجانسا ، فإن جنس ما يقع طاعة أو معصية واحد لا تضاد فيه
ولا اختلاف بينهما إلا بالوجوه التي يقع عليها وهي تابعة لاختيار الفاعل وقصده ، بل
مما يصح تعريها منها. فإن دخول الدار بإذن صاحبها كدخولها بغير إذنه ، وأحد
الدخولين [٣] طاعة والآخر معصية ، وجنسهما واحد لا اختلاف فيه إلا
بالوجه الواقع عليه ، وكذلك ، جنس ما يقع ثوابا أو عقابا واحد ، لا مضادة فيه ولا
انفصال بينهما [٤] إلا بالشهوة لأحد هما والنفار من الآخر ، فإن جنس الألم
واللذة واحد. وإدراكهما بطريق واحد ، ولا افتراق بينهما
[١] هم القائلون
بعدم جواز العفو عن الكبائر عقلا كالمعتزلة ومن تبعهم.