فإنه يترتب على
أصلين : أحد هما إثبات التحسين والتقبيح العقليين ، لأنه قد ثبت عموم العلم
بمحسنات ومقبحات ، ولا يقف العلم بحسنها وقبحها على ما وراء كمال العقل ، ولا يمكن
الخروج عنه معه ، فلو لا أنه من جملة علومه ، لم يكن لجميع [١] ذلك وجه ، ولا
تأثير لأمر ولا نهي ، في حسن مأمور ولا قبح منهي ، لأنهما لو أثرا لتوقف العلم
بحسن ما حسنته العقول ، وقبح ما قبحته على ورود هما فيستحيل الجميع [٢] ، لما فيه من
الدور ، وكان لا يقبح منه تعالى تصديق الكذابين ، الذي لو جاز عليه لم يبق طريق
إلى العلم بصدق الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ ولا بصحة الشرائع ، وما بصحة مدلوله فساد دليله إلا
غير خاف الفساد [٣].
وثانيهما : إثبات
اقتداره تعالى على ما له صفة القبيح [٤] ، لأن استناد كونه قادرا إلى ما هو عليه في ذاته ، يقتضي
عموم تعلق قادريته بكل مقدور على الوجه الذي لا يتناهى.
ومن جملة
المقدورات القبيح ، فيجب كونه قادرا عليه ، ولأن القبيح مقدور لنا ، لصحة وقوعه
منا ، وهو آكد حالا منا في كونه قادرا ، فلا وجه لكونه غير قادر عليه ، كما لا وجه
لاختصاص قادريته بمقدور دون غيره. وحينئذ يجب كونه متنزها عن فعل القبيح ، لأنه
عالم لا يجهل ، وغني لا يحتاج ، فهو عالم بقبحه ، واستغنائه