عن المحسوسات وما يقرب منها وقد وقع خلاف في المقام من طوايف منهم السوفسطائية المنكرة لحصول العلم بالمرة من جميع طرقه المقررة سواء كانت صرورية أو نظرية حسية ولذا انكروا جميع الشرايع المنزلة والاديان المقررة والضرورة العقلية قاضية بفساد ما توهموه وكانهم قد انسلخوا على الغرزية الانسانية حيث انكروا الكمالات العلمية التى هي عمدة ما يمتاز بها الانسان عن الحيوانات السائمة وتسلط عليهم الاوهام الكاذبة قد تثبتوا ببعض خيالات واهية لا يخفى وهنه على من له ادن مسكة فليس ما توهموه قابلا للايراد والمنازعة وقد نبه على جملة من التنازعات الواردة عليهم بعض الاجلة في محله ومنهم جماعة من الصوفية المدعين لاخذ العلوم من طريق الكشف والمشاهدة بعده الاتيان بالرياضات المقررة فذهب إلى عدم الاعتماد على العلوم النظرية والايقاعات الربانية والقياسات اليونانية وادعوا انحصار العلم والعلوم الضرورية الحاصلة اسبابها المعروفة أو من طريق التصفية والمجاهدة فيشاهد النفس لجوهرها ما هو ثابت في الحقيقة على نحو مشاهده للامور الحسية وعلمه بها بتوسط احدنى الحواس الباطنة اوا لظاهرة بل العلم الحاصل بها اقوى منها بمراتب عديدة ومنهم جماعة من الاخبارية المدعين انحصار مدراك العلم بالاحكام في الاخبار المأثورة عن الائمة واول من اشار إلى ذلك المحدث الامين الاسترابادي وقد ذكر ذلك في الفوايد المدنية قال في عداد ما استدل به على انحصار الدليل فيما ليس من ضروريات الدين والسماع من الصادقين ع الدليل التاسع بين على مقدمة دقيقة شريفة تفطنت فيه بحول الله تع وهى ان العلوم النظرية قسمان قسم ينتهى إلى مادة هي قربية من الاحساس ومن هذا القسم علماء الهندسة والحساب واكثر ابواب المنطق وهذا القسم لا يقع فيه خلاف بين العلماء والخطاء في نتايج الافكار والسبب فيه ان الخطاء في الفكر اما من جهة الصورة أو من جهة المادة والخطاء من جهة الصورة لا يقع من العلماء لان معرفة الصورة من الامور الواقعية عند الاذهان المستقيمة والخطاء من جهة المادة لا يتصور من هذه العلوم القريب مادة المراد فيها إلى الاحساس وقسم ينتهى إلى مادة هي بعيدة من الاحساس ومن هذا القسم حكمة الالهية والطبيعة وعلم الكلام وعلم اصول الفقه والمسائل النظرية والفقية وبعض القواعد المذكورة في كتب المنطق ومن ثم وقع الاختلافات والمشاجرات بين الفلاسفة والحكمة الالهية والطبيعة وبين علماء الاسلام في اصول الفقه والمسائل الفقية وعلم الكلام وغير ذلك والسبب في ذلك ان القواعد المنطقية انما هي عاصمه من الخطاء من جهة الصورة لا من جهة المادة وليست في المنطق قاعدة بها يعلم ان كل مادة مخصوصة داخلة في أي قسم من الاقسام ومن المعلوم امتناع وضع قاعدة يكفل بذلك ثم استظهر بعض الوجوه تأييدا لما ذكره وقال بعد ذلك فان قلت لا فرق في ذلك بين العقليات والشرعيات والشاهد على ذلك ما نشاهد من كثرة الاختلافات الواقعة بين اهل الشرع في اصول الدين وفى الفروع الفقهية قلت انما نشأ ذلك من ضم مقدمة عقلية باطلة بالمقدمة النقلية الظنية أو القطعية ومن الواضحات لما ذكرناه من انه ليس في المنطق قانون يعصم عن الخطاء في مادة الفكر إذ المشائين ادعوا البداهة في ان نفرق ماء كوز إلى كوزين اعدام لشخصه واحداث لشخصين اخرين وعلى هذه المقدمة بنو اثبات الهيولى والاشراقيين ادعوا البداهة في انه ليس اعداما للشخص الاول وانما انعدمت صفة من صفاته وهو الاتصال ثم إذا اقال عرفت ما مهدناه من الدقيقة الشريفة فنقول ان تمسكنا بكلامهم عليهم الصلوة والسلام فقد عصمنا عن الخطاء وان تمسكنا بغيره لم يعصم عنه إلى غير ذلك مما ذكره في المقام والمستفاد من كلامه عدم حجية ادراكات العقل في غير المحسوسات وما يكون مباديه قربية من الاحساس بل وفيما يقطع به على سبيل البداهة إذ لم يكن محسوسا أو قربيا منه إذ لم يكن مما توافقت عليه العقول وتسالمت فيه الانظار وقد استحسن ما ذكره غير واحد ممن تأخر عنه إذا لم يكن مما توافقت عليه الفاضل الجزيراى في اوائل شرح يب قال بعد ذكر كلام الامين بطوله وتحقيقه المقام يقتضى ما ذهب إليه فان قلت قد عزلت العقل عن الحكم في الاصول والفروع فهل يبقى له حكم في مسألة من المسائل قتل اما البديهات فهى له وحدة وهو الحاكم فهيا واما النظريات وان وافقه النقل وحكم بحكم قدم حكمه على نقل واحدة اما لو تعارض هو والنقلى فلا شك عندنا في ترجيح النقل وعدم الالتفات إلى ما حكم به العقل قال وهذا اصل يبنى عليه قواعد كثيرة ثم ذكر جمله من المسائل المتفرقة إليه وقضية كلامه حجية العقل في البديهات وعدم حجيته في النظريات غير انه يصير معها ضد للنقل فيترجح به على ما يعارضه عن النقلي ثم ان ما عناه من البديهى غير واضح في المقام فان عنى به البديهى في اعتقاد العالم وان لم يكن بديهيا عند غيره أو لا يعلم فيه حال الغير فقد نص في تحقيقه ما تقدم وكذا فيما حكاه الامين الذى هو عنده من التحقيق المتين حجيتة وان اراد به البديهى عند جميع العقلاء فهو مع انه مما يتعذر العلم الا على سبيل الحدس الذى هو ايض من العلوم الضرورية المتوقف حجيتها على الاتفاق عليها عنده مدفوع بان الاتفاق على الحكم بالبداهة ولا يفيد الحكم بالصحة الا من جهة توافق الافهام واستنباط مطابقته للواقع من قبيل الاسنتباط من الاجماع وافادته العمل في الامور العقلية محل اشكال وعلى فرضه ليس اقوى من ساير الضروريات فكيف يجعل معيار الحجية غيرها من البديهات وقد وافقة على ذلك صاحب الحدايق وقد حكى عنه كلاما ذكره في الانوار النعمانية يشبه كلامه في ح يب واستحسنه الا انه صرح بحجية العقل الفطري الصحيح وحكم بمطابقة الشرع له ثم نص على انه لا مدخل للعقل في شئ من الاحكام الفقية من عبادات و غيرها لاسبيل إليها الا السماع عنهم ع لقصود العقل المذكور من الاطلاع على اغراها ثم قال نعم يبقى الكلام بالنسبة إلى ما لا يتوقف على التوقيف ان كان الدليل العقلي المتعلق بذلك بديها ظاهرا البداهة كقولهم الواحد نصف الاثنين فلا ريب في صحة العمل به فان عارضه دليل عقلي اخر فان تايدا احدهما بنقلي كان الترجيح المؤيد بالدليل النقلي والا فاشكال وان عارضه دليل نقلى فان تايد العقلي ايض بنقلي كان الترجيح للعقلى الا ان هذا في الحقيقة تعارض في النقليات والا فالترجيح للنقلى وفاقا للسيد المحدث المتقدم وخلافا للاكثر هذا بالنسبة إلى