كما أن المراد بغلبة مانعية الملكة عن الوقوع في المعاصي هي غلبة عدم وقوع المعصية خارجا مع لزوم كون الملكة أو الرادع النفسي بنحو يقتضي الاجتناب دائما، بحيث يكون عدم تأثيره للمزاحم، لا لقصور اقتضائه، فلا تتحقق العدالة لو كان عدم تأثير لقصور فيه، بأن كان مختصا ببعض المعاصي، بحيث لا رادع عن غيرها ولا عزم من المكلف على تركه وإن تحقق منه الترك له اتفاقا، للاشكال في صدق العناوين المتقدمة عليه.
إذ لما كان ترك جميع المعاصي مأخوذا في العدالة بنحو يقدح فيها تحقق بعضها قبل التوبة، والرادع النفسي أيضا مأخوذا فيها، فالظاهر لزوم كون الرادع بلحاظ الجميع لا بلحاظ البعض، لصعوبة التفكيك في اعتبار الرادع بين المعاصي.
بل لا يصدق في مثل ذلك العفة والصيانة بعد فرض كون المراد بهما العفة والصيانة عن الجميع، فلاحظ.
هذا، ومع فرض وجود الملكة أو الرادع المذكور بلحاظ جميع المعاصي يكفي استناد غلبة الترك لقلة الابتلاء بالمعصية أو ضعف الدواعي الشهوية أو الغضبية المزاحمة له، ولا يعتبر حينئذ قوة الملكة أو الرادع بنحو يغلب الترك لو فرض قوة المزاحم- وفاقا لما صرح به سيدنا المصنف قدس سره- لعدم الدليل على اعتبار ذلك بعد صدق العناوين المتقدمة من الستر والعفاف والصيانة وغيرها.
نعم، من يكثر منه الابتلاء بالمعاصي، أو تقوى في نفسه الدواعي لها، لابد له من قوة الملكة أو الرادع في صدق العدالة، لتوقف غلبة الترك عليها.
ثم إنه لا يبعد لزوم كون العدالة المعتبرة في مرجع التقليد بمرتبة عالية، بحيث يكون الرادع قويا في حقه جدا، لانحصار الدليل على اعتبارها بالمرتكزات المتشرعية، وما تقدم منا من عدم الوثوق باجتهاده بدونها، وكلاهما يقتضي اعتبار المرتبة العالية منها، كما أشرنا إليه في المسألة الخامسة، فراجع.