من حديث رفع القلم عن الصبى هو رفع التكاليف الالزامية الثابتة في حق البالغين كما هو غير بعيد فالتعزيرات الثابتة في حق الصبيان خارجة عن ذلك موضوعا فان تلك التعزيرات لم تثبت في حق البالغين وإنما هي ثابتة في حق الصبيان لحكمة خاصة، وهى تأديبهم على ارتكاب القبائح، وصيانتهم من اغواء المضلين، وسوقهم إلى تهذيب الاخلاق. فان تعود الافعال الشنيعة داء عضال. وان كان الغرض من الحديث المزبور هو رفع مطلق الاحكام الالزامية فيشمل عمومه لتعزيرات الصبيان أيضا. ولاجل ذلك توهم بعضهم أنها ترتفع عنهم بدليل رفع القلم. والتحقيق: أن التعزيرات الثابتة في الشريعة المقدسة ان اخذ في موضوعها البلوغ فهى ترتفع عن الصبيان لعدم موضوعه. وان اخذ في موضوعها الصباء فهى غير قابلة للارتفاع عن الصبيان، لان المصلحة الملزمة قد اقتضت ثبوتها في حقهم بعنوان الصبوة، فلا يعقل ارتفاعها عنهم بحديث الرفع، ولعل تلك المصلحة ارتداعهم عن ركوب القبائح، وتجنبهم عن ارتكاب المنكرات. وحينئذ فيختص حديث الرفع بما إذا كان التعزير أو غيره من الاحكام الالزامية ثابتا للطبيعي الجامع بين البالغ والصبى فهى ترتفع عن الصبى ما هو حكم فعل الصبى المعتبر فيه قصد الفاعل؟ قوله: (عدم الاعتبار بما يصدر من الصبى) أقول ملخص كلامه: أن المتحصل من الادلة المتقدمة - من الاجماع وغيره - هو عدم الاعتبار بما