غيره في هذه الخصوصية لا يستلزم كونه اشد منه في جميع الجهات. نعم قد يكون بعض افراد الكذب اشد من شرب الخمر والزناء، كالكذب على الله وعلى رسوله، وكالكذب لقتل النفس المحترمة ولاثارة الفتنة ونحوها، ولا مضايقة في جعله حينئذ من الكبائر. ومنها: ما عن العسكري (عليه السلام) فانه قال: جعلت الخبائث كلها في بيت وجعل مفتاحها الكذب [1]، بدعوى ان ما يكون مفتاحا للخبائث كلها لابد وأن يكون كبيرة. وفيه أولا: ان الرواية ضعيفة السند. وثانيا: لا ملازمة بين كون الشئ مفتاحا للخبائث وبين كونه معصية فضلا عن كونه من الكبائر، فانه قد يكون الشئ غير محرم ومع ذلك يكون مفتاحا للحرام، كالشبهات ومقدمات الحرام، وعليه فشأن هذه الرواية شأن الروايات الامرة بالاجتناب عن الشبهات، فهي غير دالة على حرمة الكذب فضلا عن كونه من الكبائر. قوله: ويمكن الاستدلال على كونه من الكبائر بقوله تعالى: انما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله [2]. أقول: وجه الدلالة انه تعالى جعل الكاذب غير مؤمن بآيات الله كافرا بها. وفيه: ان الاية وان كانت ظاهرة الدلالة على كون الكذب المذكور فيها من الكبائر، ولكن الظاهر من ملاحظة الاية وما قبلها ان المراد بالكاذبين في الاية الشريفة هم الذين يفترون على الله وعلى رسوله في آيات الله، [1] الدرة الباهرة: 43، عنه المستدرك 9: 85. [2] النمل: 107.