المتيقن من مفهوم الغيبة كما عرفت، وقد اشير إليه في بعض احاديث العامة [1]. وتوضيح ما ذكرناه من المعنى ان ذكر الناس والتعرض لاوصافهم لا يخلو عن صور ثلاث: 1 - ذكر الانسان بما يوجب تعظيمه وترفيعه بين الناس، كأن يقول: ان فلانا عالم زاهد مجتهد، يصلي النوافل ويعطي الفقراء ويهتم بامور المسلمين وحوائجهم ونحو ذلك من المدائح، ولا نظن ان يعد احد هذه الصورة من الغيبة، نعم في لسان العرب [2] وتاج العروس عن ابن الاعرابي: غاب إذا ذكر انسانا بخير أو شر، الا أنه اجنبي عن المقام، فانه غير الاغتياب. والوجه في خروج هذه الصورة عن مفهوم الغيبة، ان هذه المذكورات ليست من السوء، سواء كره ذكرها المقول فيه املا. 2 - ان يذكر انسانا بشئ من صفاته العادية المتعارفة التي لا توصف بالمدح أو الذم. ولا ريب في عدم اندراج هذه الصورة ايضا تحت الغيبة، فان الامور العادية ليست مما سترها الله على المقول فيه، وذكرها لا يوجب نقصه وافتضاحه، سواء أكان كارها لها ام لا. 3 - ان يذكر انسانا بالاوصاف الذميمة والافعال القبيحة الموجودة فيه التي قد سترها الله عليه. وموضوع الغيبة هو هذه الصورة، وما ذكرناه من الصور المذكورة [1] في سنن البيهقي: ومن ستره الله فأمره الى الله، ان شاء عذبه وان شاء غفر له (سنن البيهقي 10: 246). [2] لسان العرب 1: 656.