ب : لا يشترط في
صدق المناط المذكور كون العمل ممّا لا يتأتّى إلاّ بالسفر كالمكاري والملاّح
والبريد ، بل يكفي في الصدق قصده على أن يسافر بالعمل.
بيان ذلك : إنّ
الأعمال على قسمين.
أحدهما : ما يكون
السفر جزءا لمفهومه وداخلا في حقيقته كالثلاثة المذكورة.
وثانيهما : ما ليس
كذلك بل يمكن في السفر والحضر ، كالطبيب والجرّاح والتاجر والبيطار والراثي
والواعظ ونحوها.
فما كان من الأوّل
يكفي فيه قصد الشغل والشروع ، وما كان من الثاني يشترط فيه مع ذلك قصد اتخاذ ذلك
شغلا له في السفر أي يوطّن نفسه على المسافرة إلى البلاد المختلفة لذلك وقرّر شغله
في المسافرة.
لا يقال : الظاهر
من كون السفر عمله هو ما كان من الأوّل ، إذ الشغل والعمل في الثاني ليس إلاّ
التجارة والطبابة ونحوهما غاية الأمر أنّهما تقارنان السفر فليس السفر شغلا وعملا.
لأنّا نقول :
الشغل والعمل ليس شيئا معيّنا لا يختلف ، فكما أنّ التجارة شغل والطبابة شغل ،
كذلك التجارة السفرية والطبابة السفرية أيضا شغل ، ولا شك أنّ السفر جزء حقيقة ذلك
الشغل.
ج : إذ قد عرفت
أنّه يحصل صدق المناط المذكور بالاتّخاذ والقصد والشروع يعلم أنّه لا يتوقّف
إتمام من هذا شأنه على تكرّر سفر ، بل يتمّ في السفر الأوّل ، كما هو ظاهر جماعة
من المعنونين لهؤلاء الأشخاص ، وصريح بعض من عنون بالعنوان المذكور [١].
إلاّ أنّه لما
يشترط في إتمام بعض هؤلاء عدم إقامة العشرة ـ كما يأتي ـ فيجب مع الصدق تحقيق هذا
الشرط أيضا لا لأجل اشتراط التكرار. فلو دخل أحد منزله