المسألة
الثالثة : ويجب اشتمالها
أيضا على قصد ما لا يتحقق من أجزاء المأمور به إلاّ بالقصد ، يعني إذا كان المأمور
به مركبا من أجزاء لا وجود لبعضها إلاّ بقصده يجب قصده ، كما إذا قال : أعط درهما
لأجل الكفارة ، بأن يكون التعليل قيدا للمأمور به وجزءا له ، لا مجرد أن يكون سببا
، أو يقول : افعل كذا تطوعا أو وجوبا ، مع كون الوصفين قيدين.
ومنه مثل قوله :
تصدّق وكفّر وآت الزكاة ، وتوضأ واغتسل ، فلا بدّ من قصد الصدقة والكفارة والزكاة
عند الإعطاء ، والتوضؤ والاغتسال عند الغسل ( لتحقق الوصف المأمور به ) [١].
والوجه في اشتراطه
ظاهر ، فإنّ الإتيان بتمام المأمور به ، وإيجاده واجب ، والامتثال عليه متوقف ،
والمفروض عدم وجود هذا الجزء إلاّ بالقصد ، فلو لم يقصده لم يأت بتمام المأمور به
، فلا يوافقه فلا يكون صحيحا.
وأيضا : إذا كان
القيد مما لا وجود له إلاّ بالقصد ، فأمر الشارع بالفعل مقيدا أمر به مع قصد
القيد.
ويكفي في قصده
العلم بأنّه هو ، ولا يجب الإخطار.
ولا فرق في ذلك
بين اتحاد المأمور به كما مر ، أو تعدده واشتراكه بين أمرين ، كأن يقول مع ما مر :
أعط درهما تصدقا.
ويستفاد من كلامهم
أنّ اعتبار قصده إنّما هو في الثاني خاصة ، ولا يعتبر في الأوّل.
فإن كان نظرهم إلى
أنّ فيه لوحدة المأمور به يكون مقصوده هو لا محالة ، ويستلزم الاتحاد لكونه مقصودا
، فهو تصريح باعتبار القصد أيضا ، ويرجع النزاع لفظيا ، مع أنّ اللزوم كليا ممنوع.