والحجة فيه ـ بعد
الإجماع وتوقف صدق الامتثال الواجب تحصيله في العبادات عليه ـ قوله عليهالسلام في حسنة الثمالي
وغيرها من المستفيضة : « لا عمل إلاّ بنية » [٢] بل في رواية ابن عيينة : « ألا وإنّ النية هو العمل » [٣] وهو تأكيد.
ومعنى الأوّل أنه
لا يتحقق العمل إلاّ مع القصد. وهو كذلك ، لأنّ ما لا قصد فيه ليس عملا لشخص ، إذ
عمل الشخص ما صدر عنه بقصده ، فإنّ من وقع في ماء بلا اختيار لا يقال : أنه غسل
جسده ، فإنّ كل ما يتحقق في الخارج ليس عملا ، بل هو ما عمله عامل ، ولا ينسب عمل
إلى عامل إلاّ مع صدوره عنه بالقصد والاختيار ، ويلزمه أنّه إذا طلب الشارع عملا
من غيره لا يتحقق إلاّ مع القصد إليه.
واستعماله في
العرف في غيره أحيانا ـ لو سلّم ـ لا يضر ، لأنّه أعم من الحقيقة ، غايته احتمال
الاشتراك المعنوي ، وتعارضه مع التجوز ، وهو أيضا غير ضائر ، لأن الحق فيه التوقف
، فلا يعلم صرف الحديث عن حقيقته التي هي نفي العمل ، فيحمل عليها.
مع أنّه لو سلّم
صدق العمل عرفا على ما لا نيّة فيه أيضا نمنع كونه كذلك في زمان الشارع ، والعمل
بأصالة عدم النقل مع تلك الأحاديث باطل.
مع أنّ ها هنا
كلاما آخر ، وهو : أنه مما لا شك فيه أنّه لا بدّ من نسبة العمل إلى شيء من كونه
مؤثرا فيه ، وهذا بديهي ، والتأثير قد يكون مع المباشرة ، وقد يكون بالأمر والبعث
، كما يقال : قتل السلطان فلانا. والأفعال المطلوبة من المكلف لمّا كان مطلوبا مما
هو إنسان أي النفس دون البدن ، وتأثيره لا يكون إلاّ