حقيقته ومجازه ،
ضرورة إرادة المهية منهما عند الانفراد. فتعيّن تخصيص أحدهما بصورة عدم الاجتماع ،
وكفاية واحد منهما عند الاجتماع ، وهو معنى التداخل.
ويكون هذا الواحد
الذي أتى به حينئذ واجبا غير جائز الترك ، قائما مقام الندب أيضا ، بمعنى ترتّب
ثوابه ومصالحه المطلوبة منه عليه أيضا.
بل ذلك مقتضى
التداخل الثابت بأخباره أيضا ، ولو قطع النظر عمّا ذكرنا ، إذ ليس الواحد المتداخل
فيه جائز الترك قطعا ، فهو واجب ترتّبت عليه آثار الفرض [١] أيضا.
ثمَّ إنّه ظهر
ممّا ذكرنا ـ من أصالة التداخل وعدم التعدّد ، بل عدم تعدّد الأمر في صورة
الاجتماع ـ أنّ التداخل عزيمة لا رخصة ، وصرّح به والدي العلاّمة أيضا. مع أنّ بعد
صدق الامتثال وتحقّق الإجزاء المصرّح به في أخبار التداخل ، لا معنى للإتيان به
ثانيا. وظهور الإجزاء في الرخصة ممنوع ، فإنّه إذا كان شيء مجزيا على الإطلاق عن
غيره ، لا يبقى الغير حتى يجوز الإتيان به أيضا.
وما ورد في موثّقة
الساباطي [٢] ـ من تخيير المرأة التي تحيض بعد جنابتها بين اغتسالها للجنابة
قبل الانقطاع وبين صبرها إلى أن تطهر وتكتفي بغسل واحد ـ لا يفيد الرخصة ، إذ لا
يدلّ على جواز غسلين بعد الانقطاع ، وجواز غسل الجنابة قبل وجوب غسل الحيض لا يفيد
كيفية حال التداخل.
وهل يسقط الوضوء ـ
على القول بوجوبه لغير غسل الجنابة ـ إذا جعل الجنابة مع غيرها غسلا واحدا؟ الظاهر
نعم ، بل هو الظاهر من الجميع ، لتحقّق غسل الجنابة المجزي عن الوضوء ، ولا ينافيه
تحقّق غيره.
وقال والدي ـ رحمهالله ـ : الظاهر وجوب
الوضوء ، لصدق الاسمين. فتتعارض أدلّة وجوبه وعدمه ، فيحصل التساقط ، وتبقى أدلّة
عموم الوضوء.