معرفة المعاني في
مثل المقام. ولا شك أنّه لا يتوقّف على إلقاء نفسه في الماء بعد خروج جميع بدنه
منه ، كما قاله بعض المتأخّرين [١] ، بل لو كان نصف جسده بل أزيد داخلا فيه وغاص في الماء ،
يقال : إنّه ارتمس ومقل فيه. ولذا ورد في الحديث : « إذا وقع الذباب في طعامكم
فامقلوه ، فإنّ في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر سمّا ، يقدّم الذي فيه السم » [٢] فأمر بمقل الذباب
مع تحقّق المقل بالنسبة إلى بعضه.
ولا ينافي ذلك
الوحدة ، لأنّ المراد وحدة ارتماس الشخص في إدخال ما يتوقّف صدق الارتماس عليه في
الماء ، ولا شك أنّ مثل هذا الشخص ارتمس عرفا ارتماسة واحدة.
نعم ، الظاهر
اعتبار خروج الرأس والرقبة ، بل الأحوط خروج بعض آخر أيضا ، حتى يصدق عرفا أنّه
ارتمس بعد ما لم يكن كذلك ، فإنّه هو الظاهر المتبادر من الحديث ، فلا يحكم بصحة
غسل من كان منغمسا في الماء ، فنوى وخرج ، أو تحرّك إلى جانب آخر ، وإن ادّعى
والدي ـ رحمهالله ـ في المعتمد : الإجماع على صحة الغسل وإن لم يخرج شيء من الأعضاء.
نعم ، يجب على من
كان بعضه في الماء أن يحرّك قدمه حتى يصل الماء المتجدّد حال الارتماسة الواحدة
تحت قدميه ، لا لتوقّف صدق الارتماسة الواحدة عليه ، بل لوجوب إيصال ماء الغسل إلى
كلّ جزء من بدنه بالإجماع والنصوص ، فلا يفيد وصول الماء قبل ذلك الارتماس إلى جزء
، وهو الظاهر ، ولا بعد تمام الارتماس الواحد ، لأنّه ليس ماء الغسل ، بل هو منحصر
بماء الارتماسة ، ولذا يحكم بوجوب كون التخليل فيما يحتاج إليه في تلك الحالة.
المحيط ٢ : ٢٤٣ (
غمس ) ، ٢٢٨ ( رمس ).
[١] الكفاية : ٣ ،
ونسبه صاحب الحدائق إلى شيخه عبد الله بن صالح البحراني في الحدائق ٣ : ٨١.