وشهد في بعض
الوقائع عندي نحو من أربعين نفراً ، كان جمع منهم من العدول ، وحصلت لي ريبة من
جهة مضيّ مدّة طويلة من الواقعة ، وقصور سنيّ الشهود عن درك هذه المدّة ، فاستفسرت
من جمع من عدولهم ، فاستندوا إلى شهادة جمع كثير من هؤلاء الأربعين ، فتفحّصت منهم
، فاستند كثير منهم إلى طائفة اخرى منهم ، إلى أن انتهت شهادة الباقين إلى حكم بعض
المنصوبين لمنصب الحكم والمدّعي لمرتبته ، من غير تعمّق في علمه أو عدالته.
فإن قيل : العدالة
مانعة عن الشهادة بالمطلق مع الاختلاف في المستند ، فمع الإطلاق يعلم أنّه أراد ما
هو المجمع عليه ، أو المقبول عند الحاكم.
وأيضاً تمنع
العدالة عن الشهادة بالعلم بالأسباب الضعيفة الغير المفيدة للعلم غالباً.
قلنا في الجواب عن
الأول بمثل ما أجابوا عمّن اكتفى بالإطلاق في التعديل لمثل ذلك ، فإنّ العدالة لا
تستلزم الاطّلاع على هذه الاختلافات ، ولا تنافي البناء على مذهب مجتهده.
مع أنّه قد لا
يفيد الموافقة لرأي الحاكم أيضاً ، فإنّ الشاهدين قد يشهدان بالاستصحاب مع ظنّ
البقاء ، وعلمهما بجوازها عند الحاكم ، ويشهد آخران بخلافه ؛ لأجل اليد الحاليّة ،
وعلمهما باعتبارها عند الحاكم ، فلو لم يستفسر الحاكم ، وحكم بمقتضى التعارض ، كان
حاكماً بمقتضى الاستصحاب مع وجود المزيل ، إذا كان الحاكم يقدّم اليد الحاليّة على
الملكيّة السابقة.