وليس في شيء من
هذه المعاني المرويّة ما يوافق ما ذكره الأصحاب في معنى المروّة ، ولا على كونها
معتبرة في العدالة ، ولا إشعار لموثّقة سماعة المتقدّمة [١] ؛ لدلالتها
بالمفهوم على أنّ من لم يجمع الثلاثة فلا يجمع الأربعة ، ومنها : كمال المروّة ،
وأين ذلك من اشتراطها في العدالة ، أو قبول الشهادة؟! وإذ ظهر ضعف تلك الأدلّة
تعلم أنّ القول الثاني في غاية المتانة والقوّة ، وعدم اعتبار المروّة في العدالة
ما لم يبلغ انتفاؤها حدّا يوجب ارتكاب ما هو مخالف للشريعة ، أو ينبئ عن جنون ، أو
يقدح في معرفة صفة الستر والعفّة.
وكما أنّ اجتناب
ما يخالف المروّة ليس شطراً للعدالة فكذلك ليس شرطاً لقبول الشهادة ؛ للأصل ، وعدم
ذكره في الأدلّة.
ونقل الأردبيلي عن
بعضهم : أنّه اعتبره شرطاً لقبول الشهادة وإن لم يكن شطراً للعدالة.
وظاهر القواعد :
أنّه جعله شرطاً له وشطراً لها معاً [٢].
ولا دليل تامّاً
على شيء منهما.
المسألة
الرابعة : قد عرفت أنّ
اجتناب الكبائر إمّا جزء العدالة أو جزء لازمها ، فارتكاب واحد منها يقدح في
العدالة كما يأتي.
وقد اختلفوا أولاً
في تقسيم الذنوب إلى الكبائر والصغائر ، فحكي عن جماعة ـ منهم : المفيد والطبرسي
والشيخ في العدّة والقاضي والحلبي إلى عدم التقسيم ، بل الذنوب كلّها كبائر [٣].