لا يقصده أصالة
وإن قصده تبعا ، أي لم يقصده لشغل به وإن قصده لأن يمرّ عنه ، فالشرط عدم قصدها
لأن يأكل منها ؛ إذ معه لا يعلم صدق المرور ، ولا يضرّ قصدها لأن يمرّ منها.
وعلى ما ذكرنا من
معنى المرور ، يعلم عدم منافاة قوله في روايتي ابن سنان وأبي الربيع [١] لذلك الاشتراط ،
ولا حاجة إلى تضعيفهما وتفسيرهما بأن المعنى : أنّه لا بأس بالأكل بعد المرور
اتّفاقا.
ثمَّ المراد
بالمرور بها : عبوره عمّا يقرب منها عرفا وعادة بحيث يعدّ مرورا عرفا ، لا أن يعبر
ملاصقا بها قريبا عنها قربا حقيقيّا لا يحتاج إلى التخطّي إليها ولو بخطوات قلائل.
وثالثها : أن لا
يحمل معه شيئا ، بل يأكل في موضعه ، والظاهر اتّفاقيّة ذلك أيضا ؛ وتدلّ عليه جميع
أخبار المنع بالتقريب الذي قدّمناه ، وقوله : « ولا يحمل منها » و « لا يحمله » في
مرسلتي الفقيه ويونس [٢] ، فلا يجوز الحمل ولو لأجل الأكل بعد المضي.
ورابعها : أن لا
يكون النخل أو السنبل أو الثمرة محاطا عليها بسور مبوّبة بباب ، فلو كان كذلك لم
يجز صعود السور أو خرقه ، ولا فتح الباب أو كسره ؛ لأنّه تصرّف في ملك الغير بغير
إذنه ، ولا إذن من الشارع.
ولا يدلّ نهي
الرسول عن الحيطان ـ أو خرق حيطان نخله كما في رواية ابن سنان ـ على جواز التصرّف
لو كان محاطا غير مخروق ، مع أنّ النهي ليس للتحريم ؛ لكون نخله محاطا عليه ويخرقه
إذا بلغ ، وخرقه حيطان نخله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يدلّ على وجوب ذلك على غيره أيضا.