هذا ، مع أنّه لو
سلّم لا يفيد ، إذ هذه الآلة لا تقتل بالثقل أصلا ـ ولذا لا تقتل لو سقطت على شيء
ولم تنفذ فيه ـ وإنّما تقتل بالخرق والنفوذ ، وهو أنفذ من السهم وأخرق من السيف.
وأمّا الثاني :
فبمنع دخولها في البندقة جدّا ، فإنّها شيء غير تلك الآلة معروف في الأزمنة
السالفة ، وفي الحديث ـ كما نقله صاحب الكفاية [١] ـ : إنّها لا تصيد
صيدا ولا تنكئ عدوّا ، ولكنّها تكسر السنّ وتفقأ العين. وهذه الآلة تصيد الصيد ،
بل تقتل الفيل والبعير ، وتتلف العدوّ الكبير ، وكأنّها آلة تسمّى في هذا الزمان
بالفارسية : پفك ، بالپاء الفارسيّة والفاء والكاف.
واستدلّ بعض
مشايخنا المعاصرين قدسسره في شرحه على النافع [٢] بأصالة الحرمة ، الثابتة بالأخبار المتقدّمة في الأصل
الثالث من الأصول الثلاثة المذكورة في المقدّمة [٣] ، الدالّة على
توقف حلّ الصيد والذبيحة على ثبوت التذكية ، التي هي من قبيل الأحكام الشرعيّة
المتوقّفة على ثبوت آلة وكيفيّة.
وهو فاسد جدّا ،
لأنّ الأخبار المتقدّمة إنّما تثبت أصالة عدم التذكية بالمعنى الثالث ، أي عدم
حصول الأمور المعيّنة التي علم كونها تذكية بعد معرفتها ، لا بالمعنى الثاني الذي
هو المفيد في ذلك المقام ، وهو الذي أشار إليه أخيرا : المتوقّفة على ثبوت آلة
وكيفية. والتذكية بذلك المعنى أيضا وإن كان خلاف الأصل إلاّ أنّه زال بعد التسمية
بقوله سبحانه ( وَما لَكُمْ أَلاّ تَأْكُلُوا مِمّا ذُكِرَ
اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ )[٤] كما مرّ تحقيقه في المقدّمة.
[١] الكفاية : ٢٤٥.
وأنكى والاسم النكاية ـ بالكسر ـ : إذا قتلت واثخنت ـ المصباح المنير : ٦٢٥.