ويؤيّده أيضا ما
قد يفسّر به « سرود » من أنّه ما يقال له بالفارسية « خوانندگى » ، وقد يفسّر
الغناء بذلك أيضا ، فإنّ التعبير بـ : « خوانندگى » في الأغلب إنّما يكون بواسطة
الألحان والنغمات.
وكذا الثالث ،
فإنّ فيه خفاء أيضا ، فإنّه لا عرف لأهل العجم في لفظ الغناء ، ومرادفه من لغة
الفرس غير معلوم ، وعرف العرب فيه غير منضبط ، وقد يعبّر عنه أيضا بـ : « خوانندگى
» ، وهو غير ثابت أيضا.
ولأجل هذه
الاختلافات يحصل الإجمال غايته في معنى الغناء ، ولكنّ الظاهر أنّ القدر المتيقّن
المذكور من المعاني الاثنى عشريّة ـ سيّما إذا ضمّ معه اللحن الخاصّ المعهود الذي
يستعمله أرباب الملاهي ويتداول عندهم ويعبّر عنه الآن عند العوام بـ : « خوانندگى
» ـ يكون غناء قطعا ، سواء كان في القرآن والدعاء والمراثي أو في غيرها.
ولعلّ إلى اعتبار
هذا اللحن في مفهومه قال صاحب الوافي : لا وجه لتخصيص الجواز بزفّ العرائس ولا
سيّما وقد وردت الرخصة في غيره ، إلاّ أن يقال : إنّ بعض الأفعال لا يليق بذوي
المروّات وإن كان مباحا [١].
فإنّ غير اللائق
للمروّة هو هذه الألحان المعهودة.
وأمّا الثاني ،
فلا خلاف في حرمة ما ذكرنا أنّه غناء قطعا ـ وهو : مدّ الصوت المفهم المشتمل على
الترجيع والإطراب ، سيّما مع الضميمة المذكورة ـ في الجملة ، ولعلّ عدم الخلاف بل
الإجماع عليه مستفيض ، بل هو إجماع محقّق قطعا ، بل ضرورة دينيّة.