وأمّا الحكم
الثاني فتدلّ عليه رواية أبي بصير : في رجل نسي طواف النساء ، قال : « إذا زاد على
النصف وخرج ناسيا أمر من يطوف عنه ، وله أن يقرب النساء إذا زاد على النصف » [١].
فإنّ الرخصة في
المقاربة توجب انتفاء الكفّارة بالإجماع المركّب.
وقيل : لأنّه لا
معنى للزوم الكفّارة على الفعل المرخّص فيه [٢].
ووهنه بيّن من
لزوم الكفّارة على التظليل ونحوه مع الضرورة.
وتدلّ عليه أيضا
فيما إذا طاف خمسة أشواط رواية حمران ـ بل صحيحته ـ : عن رجل كان عليه طواف النساء
وحده فطاف منه خمسة أشواط ، ثمَّ غمزه بطنه فخاف أن يبدره فخرج إلى منزله فنفض ،
ثمَّ غشي جاريته ، قال : « يغتسل ، ثمَّ يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان قد
بقي عليه من طوافه ، ويستغفر الله ولا يعود ، وإن كان طاف » [٣] إلى آخر ما مرّ.
فإنّ ذكر البدنة
في ثلاثة أشواط دون الخمسة يدلّ على انتفائها فيها.
ولا ينافي ذلك ما
مرّ من انتفاء الكفّارة فيما زاد على النصف مطلقا ، لأنّ التقييد بالخمسة إنّما
وقع في كلام الراوي.
وقد يستدلّ أيضا
بمفهوم الشرط في ذيل هذه الرواية.
وهو ضعيف غايته ،
لأنّ مفهومه : أنّه إن لم يطف ثلاثة أشواط ، والمتبادر منه عدم بلوغ الثلاثة ، لا
التجاوز عنه ، فإنّه معه يصدق طواف الثلاثة.
[١] الفقيه ٢ : ٢٤٦
ـ ١١٧٨ ، الوسائل ١٣ : ٤٠٩ أبواب الطواف ب ٥٨ ح ١٠.