وجماعة من
المتأخّرين ـ منهم : المدارك والمفاتيح [١] ـ فقالوا بالبناء على الأقلّ وإن استحبّ الإعادة.
واحتجّوا له
بالصحاح الأربع الأولى ـ حيث إنّ نفي الشيء عليه بعد الفوات يدلّ على استحباب
الأمر بالإعادة ـ وبصدر صحيحة رفاعة المذكورة ، وبصحيحة ابن حازم الثانية.
أقول : أمّا
الصحاح الأربع فتضعّف بما مرّ من الإجمال ، فإنّ لكلّ منها أربعة احتمالات : الحمل
على ما بعد الفراغ مع حمل الأمر على الاستحباب ، وعلى الأثناء مع الحمل على
الاستحباب أيضا ، ومع حمله على الوجوب وتخصيص نفي الشيء بما بعد فوات الوقت ، كما
جوّزه بعض شرّاح المفاتيح.
وعليه يكون في
المسألة قول ثالث ، إلاّ أنّ الظاهر أنّه خرق للإجماع ، وإبقاء نفي الشيء على
ظاهره والقول بأنّ عدم العلم بتأويل جزء من الحديث لا يضرّ في الاستدلال بالآخر.
وعلى هذا ، فلا
يمكن الاستدلال بها لشيء من القولين أو الأقوال.
هذا ، مع أنّ
الأخيرة من الأربع محتملة كونها من كلام الصدوق دون جزء الحديث ، كما قيل [٢].
وأمّا الأخيرتان
فلا شكّ في عمومهما مطلقا بالنسبة إلى ما ذكرنا ، لشمولهما للنافلة واختصاص أكثره
بالفريضة ، فيجب التخصيص. وحمل الخاص على التجوّز وإن كان ممكنا إلاّ أنّ التخصيص
مقدّم في نحو هذه الصورة من التعارض.