عنه بدونه ـ وبالآخر
: بالتلبية ، وقبلها لا تحرم المحرّمات.
فهذا هو التحقيق
التامّ في المقام ، ولكن لا يترتّب عليه كثير فائدة في العمل ، إذ الكلّ قائلون
بوجوب النيّة واللبس في الميقات وعدم جواز التجاوز عنه بدونهما ، وأنّه لا تحرم
المحرّمات إلاّ بالتلبية ، وأنّه لا يضرّ جواز تأخيرها عن الميقات على القول به في
ذلك ، لأنّه يكون المراد بالإحرام ـ الذي لا يجوز تأخيره على ذلك القول ـ هو
الأولان ، وإنّما فائدته تشريح المقام وفهم الأخبار والجمع بين كلمات العلماء
الأخيار.
إذا عرفت تلك
المقدمة فاعلم : أنّهم ذكروا أنّ للإحرام أفعالا واجبة ومستحبّة وتروكا ، وظهر لك
من التحقيق الذي ذكرناه أنّه ليس المراد أنّ الإحرام بنفسه من حيث هو هو فعل آخر
من أفعال الحجّ والعمرة وهذه الأفعال أجزاؤه ، بل المراد : أنّ هذه الأفعال من
أفعالهما ممّا تحقّق به الإحرام وسبب لتحقّق الإحرام بالمعنيين ، كالتكبيرة التي
هي فعل من الصلاة يتحقق بها الإحرام.
ومعنى مستحبّات
الإحرام : أنّها أفعال مستحبّة للدخول في الحجّ أو العمرة والشروع في أحدهما ، أو
مستحبّ لكلّ فعل من أفعاله بخصوصه ، والأوّل : هو مقدمات الإحرام التي تذكر قبل
ذكر أفعاله. والثاني : يذكر في ذيل كلّ فعل.
ومعنى واجباته :
أنّها ممّا لا بدّ منها في الدخول فيهما.
ومعنى تعدّد
الأفعال : أنّ بالمجموع يتحقّق الإحرام بالمعنيين ، فبالأول يتحقّق الإحرام
بالمعنى الأول ثم يجب الثاني ، وبالثالث المسبوق بالأولين ـ بل المقارن لهما ، ولو
كانت النيّة حكمية ـ يتحقّق المعنى الثاني ، فبالثلاثة يتحقّق معنيا الإحرام.