والآخر : عن ماء
شربت منه الدجاجة ، قال : « إن كان في منقارها قذر لم تتوضأ منه ولم تشرب ، وإن لم
تعلم أن في منقارها قذرا توضأ منه واشرب » [٢].
وإلى لزوم العسر
والحرج الشديدين لولاه ، وعمل الأصحاب ، والإجماع المنقول في الخلاف [٣] ، حيث إنّه بعد
ما قال : إنّ الهرّة لو أكلت ميتا ثمَّ شربت من الماء القليل لم ينجس ، استدلّ
بإجماع الفرقة على طهارة سؤر الهرّ وعدم فصلهم.
ويضعف الأول :
بأنّ الإطلاقات إنما هي من جهة السؤرية لها ، فلا تنافي النجاسة لأمر آخر ، مع
أنّها مخصصة بما إذا لم يكن فمها نجسا بالإجماع ، ولذا يحكمون بالنجاسة قبل زوال
العين ، فاللازم تحقق نجاسة الفم وطهارته أولا.
والحاصل أن نجاسة
الفم إما لا تستلزم نجاسة السؤر ، أو تستلزمها ، فعلى الأول لا تثبت من طهارة
السؤر طهارة الفم ، وعلى الثاني تكون الإطلاقات مخصصة بما إذا لم يكن الفم نجسا ،
فلا تفيد الإطلاقات هنا ، لوجود دليل النجاسة كما يأتي.
والثاني :
بمعارضته بأصالة نجاسة الفم ، المقدمة على أصالة طهارة ما لاقاه ، لكون الأولى
مزيلة للثانية.
والثالث : بأنّا
لا نقول بالتعبد بالغسل إذ لم يؤمر به إلا في ( مثل ) [٤] الثوب والبدن.
وأما التفريع الذي
ذكره ، فلا وجه له ، لمنع الحصر ، لجواز الحكم بالنجاسة مع عدم وجوب غسله.
والرابع : بدلالة
الروايتين على خلاف المطلوب ، لدلالتهما على المنع من
[١] التهذيب ١ : ٢٨٤
ـ ٨٣٢ ، الوسائل ١ : ٢٣١ أبواب الأسآر ب ٤ ح ٤.
[٢] الاستبصار ١ :
٢٥ ـ ٦٤ ، الوسائل ١ : ٢٣١ أبواب الأسآر ب ٤ ح ٣.