لزوم الإنفاق عليه
غير كاف في صدق الغني عليه ، إذا الغني من يملك فعلا أو قوة ـ ولو لأجل كونه ذا
حرفة أو صنعة ـ مئونته ، وهو غير حاصل في المقام. ومجرد لزوم الإنفاق شرعاً غير
كاف في تحقق الملك ، أما وجوب الإنفاق فموضوعه عدم القدرة على النفقة ـ كما قرر
المجيب ـ وهو غير حاصل مع بذل الزكاة له. ولذلك احتمل في شرح النافع : عدم وجوب
الإنفاق على من بذلت الزكاة له ، وإن استقربه في الجواهر. لكنه غير ظاهر ، إذ ليس
في أدلة وجوب الإنفاق إطلاق يرجع إليه عند الشك ، كما يظهر بالسبر لنصوصه ، فإنها
واردة في غير مورد تشريعه ، بل في مورد آخر. فمع الشك في موضوع الإنفاق يقتصر على
المتيقن ، ولا يقين بوجوبه مع بذل الزكاة وعدم المانع من التعيش بها.
ومن هنا يظهر لك
الفرق بين عدم القدرة على النفقة في موضوع الزكاة وبينه في موضوع الإنفاق ، إذ
القدرة في الأول يراد منها القدرة بالنظر إلى نفسه وشؤونه ـ من ملك ، أو قوة ، أو
صنعة ، أو نحوها ـ لا غير ، وفي الثاني يراد بها القدرة ولو لأجل البذل ـ فمن كان
عاجزاً عن التعيش بكل الوجوه لعدم المال والقوة ، وقد بذلت له المؤنة ـ زكاة ، أو
خمساً ، لم يكتف ببذل الزكاة في الخروج عن موضوعه. وإلا تعين العمل على ما ذكرنا.
هذا وعلى ما ذكر
في المتن يشكل ما استقر عليه العمل في هذه الأعصار من إعطاء الحقوق ـ من الكفارات
وغيرها ـ للعيال ، صغيرهم وكبيرهم ، مع أن أكثر الصغار قد بذلت لهم النفقة اللازمة
لهم ، بل وأكثر منها. اللهم إلا أن يبنى على عدم اللزوم مع فرض فقر المنفق ،
لاعتبار الغنى فيه. وإن كان الذي نص عليه في الشرائع ـ ويظهر منهم الاتفاق عليه ـ هو
نام کتاب : مستمسك العروة الوثقى نویسنده : الحكيم، السيد محسن جلد : 9 صفحه : 292