التكليف ، لتأخرها
عنه رتبة ، بل التكليف مشترك بين الملتفت والغافل والعالم والجاهل ، فإنه يغفل عنه
مرة ويلتفت إليه أخرى ، ويعلم به تارة ويجهل أخرى. وانما العناوين المذكورة دخيلة
في تنجز التكليف وعدمه ، واستحقاق العقاب على مخالفته وعدمه ، ولكن لما كان الوجه
في بطلان العبادة المحرمة هو المبعدية المنافية للمقربية اختص الحكم بصحة صلاة
الجاهل بالقاصر ، لعدم مبعدية فعله ، والحكم بالبطلان بالمقصر ، لمبعدية فعله ،
ولا وجه للإطلاق صحة وفساداً. ودعوى أن عقاب الجاهل إنما هو على ترك التعلم لا على
نفس الفعل ، إذ ليس فعله مبعداً. قد تحقق في محله بطلانها وإن كان هو مذهب بعض من
نسب اليه القول بالصحة مطلقاً. ومثلها دعوى عدم اعتبار صلاحية الفعل للمقربية في
صحة العبادة ، وأن المعتبر صدوره عن داعي القربة ، وهو حاصل في الجاهل ولو كان
مقصراً ، إذ هي مخالفة لبناء العقلاء في العبادية ، وأنه لا بد أن تكون العبادة
واقعة على وجه غير مبعد. فلاحظ.
[١] أما ناسي
الغصب. فمقتضى حكم العقل إلحاقه بجاهل الحكم ، فتصح صلاته مع القصور وتفسد مع
التقصير. لكن مقتضى إطلاق حديث الرفع [١] الصحة مطلقاً. وتقييد الحديث بالقاصر بالنسبة إلى الجهل
لقيام الأدلة القطعية على عدم معذورية الجاهل المقصر ، لا يقتضي تقييده بالنسبة
إلى الناسي ، لأنه قياس محرم.
فالبناء على الصحة
مطلقاً ـ ولو كان مقصراً ـ عملا بالحديث الشريف في محله ، خلافاً لإطلاق جماعة
كالعلامة في جملة من كتبه ، وولده
[١] راجع الوسائل
باب : ٣٠ من أبواب خلل الصلاة وباب : ٥٦ من أبواب جهاد النفس.
نام کتاب : مستمسك العروة الوثقى نویسنده : الحكيم، السيد محسن جلد : 5 صفحه : 284