ثمَّ إن الاستحالة
على أنواع ( منها ) : الاستحالة بالنار رماداً ، أو دخاناً. فقد حكي الإجماع على
مطهريتها عن الشيخ في الخلاف والمبسوط ، وعن الحلي ، والمحقق في الشرائع ،
والعلامة في جملة من كتبه ، وجامع المقاصد وغيرهم ، نعم عن المعتبر التردد في
الرماد ، وربما يوهمه ما في أطعمة الشرائع أيضاً ، حيث قال : « دواخن الأعيان
النجسة طاهرة عندنا وكذا كل ما أحالته النار فصيرته رماداً ، أو دخاناً ، أو فحماً
، على تردد ». لكن الظاهر رجوع التردد إلى الفحم فقط ، كما فهمه غير واحد وقد يشهد
به صدر كلامه. وربما نسب الى المبسوط نجاسة دخان الدهن النجس ، معللا بأنه لا بد
من تصاعد بعض أجزائه قبل إحالة النار لها. لكن الظاهر أنه ليس خلافاً فيما نحن
فيه. وعن الشيخ أيضاً الاستدلال على الطهارة ـ مضافاً الى الإجماع ـ بصحيح ابن محبوب : «
سألت أبا الحسن عليهالسلام
عن الجص يوقد عليه بالعذرة ، وعظام الموتى ، ثمَّ يجصص به المسجد ، أيسجد عليه؟
فكتب إليه بخطه : إن الماء والنار قد طهراه » [١].
واستشكله المحقق في
المعتبر بأن الإجماع لا نعلمه هنا ، وأن الماء الذي يمازج الجص هو ما يحتل به ،
وذلك لا يطهر إجماعاً ، والنار لم تصيره رماداً. وتبعه عليه جماعة. وحملها على
إرادة السؤال عن نجاسة الرماد المختلط بالجص ، ونجاسة نفس الجص بملاقاة رطوبة
العظام والعذرة ، فتكون النار مطهرة للرماد المختلط. ويراد من الماء ماء المطر
المطهر للجص. بعيد جداً. فالأولى الاستدلال على طهارة الرماد والدخان بقاعدة
الطهارة. ولا مجال لدعوى حكومة الاستصحاب عليها ، لامتناع جريانه في المقام ،
لتعدد الموضوع ، بنحو لا يصح عرفاً أن يقال : كان الرماد