السفر منها وإنما
هو مقدمة ، فلا مانع من أن يكون واجباً لسبب آخر ، أو مملوكاً عليه بعقد إجارة
ونحوها. ويشكل : بأن ظاهر الآية الشريفة وجوب السفر ، فان حج البيت ـ في الآية
الشريفة ـ يراد منه الذهاب اليه والسعي نحوه ، فيكون واجباً وجوباً نفسياً كسائر
أفعاله. وإذا أجمل مبدإ السير فالقدر المتيقن منه السير من الميقات.
ثمَّ استدل على
ذلك في الجواهر بصحيح معاوية
بن عمار عن الصادق (ع) : «
عن الرجل يمر مجتازاً ـ يريد اليمن أو غيرها من البلدان ـ وطريقه بمكة ، فيدرك
الناس وهم يخرجون الى الحج ، فيخرج معهم إلى المشاهد ، أيجزيه ذلك عن حجة الإسلام؟
قال (ع) : نعم » [١] ، وصحيحه
الآخر عنه (ع) : «
قلت لأبي عبد الله (ع) : الرجل يخرج في تجارة إلى مكة ، أو يكون له إبل فيكريها ،
حجته ناقصة أم تامة؟ قال (ع) : لا بل حجته تامة » [٢] ، وخبر الفضل ابن عبد الملك عنه (ع) قال : « وسئل عن الرجل يكون له الإبل يكريها
فيصيب عليها ، فيحج وهو كري ، تغني عنه حجته؟ أو يكون يحمل التجارة إلى مكة فيحج ،
فيصيب المال في تجارته أو يضع ، تكون حجته تامة أو ناقصة؟ أو لا يكون حتى يذهب به
الى الحج ولا ينوي غيره؟ أو يكون ينويهما جميعاً ، أيقضي ذلك حجته؟ قال (ع) : نعم
حجته تامة » [٣].
أقول : النصوص
المذكورة لا تصلح للخروج بها عن ظاهر الآية الشريفة ، فإن الصحيح الأول ظاهر في أن
خروجه إلى المشاهد لم يكن بقصد غاية أخرى وإنما كان لمحض الحج. وأما الصحيح الثاني
فإنما يدل على أن حجه ـ وهو كري ، أو يحمل التجارة إلى مكة ـ صحيح ، وهو لا يقتضي