أن الحكم الصادر
عن اجتهاد صحيح حكم بحكمهم (ع) دون غيره ، وهو غير ظاهر مع ثبوت الخطأ في الاستناد
ـ كما إذا حكم اعتماداً على بينة غير عادلة مع اعتقاد عدالتها ، أو على رواية
اعتقد ظهورها في الحكم مع عدم ظهورها لدى الحاكم الآخر ـ أو ثبوت الخطأ في المستند
ـ كما إذا اعتمد على ظاهر رواية لم يعثر على قرينة على خلافه وقد عثر عليها الحاكم
الآخر ، أو على بينة تزكي الشهود مع علم الحاكم الثاني بفسقهم ونحو ذلك ـ فان
القضاء الصادر من الحاكم وان كان عن مبادي مشروعة واجتهاد صحيح ، إلا أنه مخالف
للواقع في نظر الحاكم الثاني ، لقيام حجة عنده على الخلاف وحينئذ لا يكون حكما
بحكمهم (ع).
وبالجملة : الحكم
الصادر من الحاكم الجامع لشرائط الحكم الصادر عن اجتهاد صحيح وان كان طريقا شرعا
إلى الواقع لكل أحد ، لكن كما يسقط عن الطريقية عند العلم بمخالفته للواقع ، كذلك
يسقط عن الطريقية عند العلم بوقوع الخطأ في طريقه وفي مباديه وقيام الحجة على
خلافه ، وان احتمل موافقته للواقع. وعلى هذا فإطلاق ما ذكره الجماعة من جواز نقض
الحكم مع وقوع الخطأ فيه في محله.
اللهم إلا أن يقال
قوله (ع) : « فاذا حكم بحكمنا » لا يراد منه الحكم الواقعي الإلهي ، لأن لازمه عدم وجوب
تنفيذ الحكم مع الشك في كونه كذلك لعدم إحراز قيد موضوعه. وكذا مع العلم ، لأن
العلم حينئذ حجة ، ولا معنى لجعل حجية الحكم حينئذ ، بل المراد منه الحكم الواقعي
بنظر الحاكم ، فيكون النظر موضوعا لوجوب التنفيذ ، فالمعنى أنه إذا حكم بما يراه
حكمهم (ع) وجب قبوله وحرم رده ، ومقتضى إطلاقه وجوب القبول ولو مع العلم بالخطإ في
مباديه. نعم ينصرف عن الحكم الجاري على خلاف موازين الاستنباط عمداً أو سهواً أو
نسيانا ، ويبقى غيره داخلا في
نام کتاب : مستمسك العروة الوثقى نویسنده : الحكيم، السيد محسن جلد : 1 صفحه : 92