المتسبب تتوقف على
ظهور الدليل في كون الخطاب بالحرمة على النحو الثاني ، وهو غير ظاهر. نعم قد
يستفاد من صحيح معاوية الوارد في بيع الزيت المتنجس لقوله
(ع) فيه : « ويبينه لمن اشتراه ليستصبح به » [١] من جهة أن الاستصباح ليس محبوباً ومأموراً به ، ولا مما
يترتب على التنبيه والاعلام ، فلا بد أن يكون التعليل به عرضياً ، والعلة في
الحقيقة هي ترك الأكل ، فيكون ترك أكل المشتري واجباً على البائع ، كما تقدم بيان
ذلك في مبحث الماء المتنجس. وتقدم أيضاً الاستدلال على حرمة التسبب الى فعل غيره
للحرام : بأن استناد الفعل الى السبب أقوى. فنسبة الفعل إليه أولى ، كما تقدم
الاشكال فيه فراجع.
ثمَّ إن الصحيح
المتقدم وان كان مورده الزيت المتنجس ، لكن يجب التعدي عنه الى مطلق المأكول
والمشروب ، بقرينة التعليل ، المحمول على الارتكاز العرفي ، فإن مقتضاه عدم الفرق
بين الزيت وغيره. نعم يشكل التعدي عن المأكول والمشروب الى غيرهما من المحرمات.
لعدم مساعدة الارتكاز عليه. فالاقتصار عليهما متعين. ويشير الى ذلك موثق ابن بكير [٢] المتضمن للنهي عن
اعلام المستعير إذا أعاره ثوباً لا يصلي فيه. وعليه فلا يجب الاعلام إذا كان
يتوقف ترك استعمال النجس في غير الأكل والشرب عليه ، وكذا في سائر المحرمات غير
النجس إذا كان يتوقف تركها عليه.
ومن ذلك يظهر لك
الفرق بين مقتضى الصحيح المذكور ومقتضى الاستدلال المتقدم على حرمة التسبيب ، فان
بينهما عموماً من وجه ، إذ مقتضى الصحيح وجوب الاعلام وان لم يكن هناك تسبيب.
ولكنه يختص بالنجس من حيث استعماله في الأكل والشرب ، فلا يشمل غير النجس ،
[١] الوسائل باب :
٤٣ من أبواب الأطعمة المحرمة ملحق حديث : ١.