وبالجملة : بعد
عدم ثبوت قاعدة عدم جواز الانتفاع بالنجاسات ـ لقصور الأدلة المستدل بها عليها ـ ينحصر
الاستدلال على عدم جواز الانتفاع بالميتة بالخصوص بمثل صحيح الكاهلي المتقدم ،
وتقدم الإشكال في دلالته ، إذ من البعيد أن يكون المراد منه النهي عن كل انتفاع ،
ولو كان مثل إطعام جوارح الطير ، أو تسميد الزرع ، ونحوهما مما لا يعتبر فيه
الطهارة بوجه ، فان بيان هذا المعنى يحتاج إلى مزيد عناية ، ولا يكفي فيه مثل هذا
الكلام. بل هذا المعنى مقطوع بخلافه في مثل رواية علي بن المغيرة ، فان السائل
إنما عنى بقوله : « الميتة ينتفع بها » انها كما ينتفع بالمذكى ، وليس المراد ما يعم إطعام الجوارح.
ولو سلم إطلاق في عدم الانتفاع ، فهو مقيد بالنصوص المتقدمة ، فيحمل على الانتفاع
المؤدي إلى الوقوع في الحرام ، كما أشير إليه في رواية الوشاء المتقدمة ، على ما
عرفت.
[١] إجماعا ،
صريحاً وظاهراً ، محكياً عن جماعة كثيرة ، وان اختلفت عباراتهم في معقده. ففي
بعضها : مطلق دم ذي النفس. وفي بعضها : دم ذي العرق وهو راجع إلى الأول ، وفي
بعضها : الدم المسفوح ، والمسفوح هو المصبوب ، وعليه يكون بين هذا العنوان وما
قبله عموم من وجه ، لعمومه لمثل دم السمك وعدم شموله للمتخلف في اللحم ونحوه من
أجزاء الحيوان. ويجب تفسيره ـ كما في كلام بعضهم ـ بما ينصب من العرق ، فيكون أخص
مطلقا من الأول ، ولا يشمل مثل دم السمك. وفي المنتهى : « الدم المسفوح من كل
حيوان ذي نفس سائلة يكون خارجا بدفع من عرق نجس. وهو مذهب علماء الإسلام » ، ونحوه
كلام غيره من الأعاظم.
لكن ادعى غير واحد
من الأجلاء أن المراد مطلق دم ذي النفس ، بقرينة تعرضهم لطهارة دم غير ذي النفس ،
والمتخلف في الذبيحة ، دون
نام کتاب : مستمسك العروة الوثقى نویسنده : الحكيم، السيد محسن جلد : 1 صفحه : 343