الاختيار إلا
الالتزام بالعمل على طبق إحدى الفتويين أو الفتاوى بعينها ، وحينئذ يكون الالتزام
مقدمة للتقليد لا أنه عينه ، ومما ذكرنا يظهر أن دعوى أن التقليد هو الالتزام مما
لم يتضح له مأخذ. والله سبحانه أعلم.
[١] الكلام في هذه
المسألة ، [ تارة ] : يكون في صورة موافقة رأي الميت لرأي الحي الذي يجب عليه
تقليده على تقدير عدم جواز البقاء على تقليد الميت ، [ وأخرى ] : في صورة مخالفة
رأيه لرأيه.
أما الكلام في
الصورة الأولى : فهو أنه ـ بناء على ما عرفت من أن التقليد هو العمل برأي الغير
واحداً كان أو متعدداً ـ لا تترتب صحة العمل واقعاً وعدمها على الجواز وعدمه ، لأن
العمل الموافق لرأي الميت موافق لرأي الحي أيضاً ، فيكون صحيحاً مطلقاً ، كان رأي
الميت حجة أولا. غاية الأمر أنه على تقدير حجيته تكون صحة العمل عقلا ـ بمعنى
الاجتزاء به في نظر العقل ـ لموافقته لرأي الجميع ، وعلى تقدير عدم حجيته يكون
الاجتزاء به في نظر العقل لموافقته لرأي الحي ، فالصحة والاجتزاء به عند العقل
محرز على كل تقدير. نعم يثمر الكلام في حجية رأى الميت من حيث جواز البناء عليها
لعدم كونه تشريعاً ، وعدمه لكونه كذلك. لكنه شيء آخر أجنبي عن صحة العمل. أما
بناء على كونه الالتزام بالعمل فصحة العمل عقلا وعدمها يبتنيان على حجية رأى الميت
وعدمها ، فإنه على تقدير الحجية يكون الالتزام بالعمل برأيه تقليداً صحيحاً والعمل
الموافق للالتزام المذكور عملا عن تقليد صحيح ، وليس كذلك على تقدير عدم الحجية.
وأما الكلام في
الصورة الثانية : فهو بعينه الكلام في الصورة الأولى بناء على كون التقليد هو
الالتزام بالعمل ، لما عرفت من توقف الحجية حينئذ على الالتزام بواحد من الرأيين
بعينه ، فتبتني الصحة وعدمها على حجية
نام کتاب : مستمسك العروة الوثقى نویسنده : الحكيم، السيد محسن جلد : 1 صفحه : 14