و نبّه المصنف بقوله: «و هو تعويل على تأويل رواية» على أن ذلك ليس مدلول الرواية، و إنما هو مجرّد التأويل. و لا فرق في مخالفة القواعد الشرعيّة بين حملها على المعنى السابق من أن الدخول يهدم المهر و بين حملها على جعل ما يقدّمه مهرا خاصّة، سواء رضيت به أم لم ترض، لأن سكوتها و الدخول بها لا يقتضي رضاها به مهرا، بل هو أعمّ منه، و العامّ لا يدلّ على الخاصّ.
و الموافق للأصول الشرعيّة أنها إن رضيت به مهرا لم يكن لها غيره، و إلا فلها مع الدخول مهر المثل. و يحتسب ما وصل إليها منه إذا لم يكن على وجه التبرّع كالهديّة. و يمكن حمل الرواية على الشقّ الأول لئلّا تخالف غيرها من الأدلّة.
و أما تعليل المفيد [2] لها- بأنها لو لم ترض به مهرا ما مكّنته من نفسها حتى تستوفي تمامه أو توافقه على ذلك، و تجعله دينا عليه في ذمّته- فمنعه ظاهر، إذ لا يلزم من عدم رضاها عدم تمكينها من نفسها، و جاز اعتمادها في ذلك على ما يلزم شرعا بالدخول، و هو مهر المثل.
و في المختلف حملها على أنه قد كان في الزمن الأول لا يدخل الرجل حتى يقدّم المهر، فلعلّ منشأ الحكم العادة. قال: «و العادة الآن بخلاف ذلك، فإن فرض أن كانت العادة في بعض الأزمان أو الأصقاع كالعادة القديمة كان الحكم ما تقدّم، و إلا كان القول قولها» [3].
و أما دعوى ابن إدريس الإجماع على ذلك فمبنيّ على جعل المشهور أو ما لا يظهر فيه المخالف إجماعا، و حجّيته على هذا الوجه ممنوعة، خصوصا على قواعد ابن