و أما التغليظ فظاهر النصّ [2] و الفتوى أنه من وظائف الحاكم، و أن استحبابه مختصّ به. و أما الحالف فالتخفيف في جانبه أولى، لأن اليمين مطلقا مرغوب عنها، فكلّما خفّت كان أولى به.
و وجه الاستظهار بالتغليظ أنه مظنّة رجوع الحالف إلى الحقّ خوفا من عقوبة العظيم. و على تقدير جرأته عليه كاذبا مظنّة مؤاخذته، حيث أقدم على الحلف به مع إحضار عظمته و جلالته و انتقامه في الموضع الشريف، و المكان و الزمان الشريف اللّذين هما محلّ الاحترام.
و قد روي أن النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) قال له- يعني: ابن صوريا-:
«أذكّركم باللّه الذي نجّاكم من آل فرعون، و أقطعكم البحر، و ظلّل عليكم الغمام، و أنزل عليكم المنّ و السلوى، و أنزل التوراة على موسى، أ تجدون في كتابكم الرجم؟ قال: ذكّرتني بعظيم و لا يسعني أن أكذّبك» [3]. و ساق الحديث، فكان تغليظه (صلّى اللّه عليه و آله) في اليمين سببا لاعترافه بالحقّ.
و نبّه بقوله: إنه «غير لازم و لو التمسه المدّعي» على خلاف بعض العامّة [4]، حيث زعم أنه مع التماس الخصم يجب التغليظ، و آخرين أنه يستحبّ حينئذ و ليس من وظيفة الحاكم. و قد تقدّم في باب اللعان [5] بيان الأمكنة و الأزمنة التي يغلّظ بها.