بعده ، وقد قطع
الأصحاب بأن من نذر الحج مطلقا يجوز له تأخيره إلى أن يتضيق وقته بظن الوفاة ، بل
قال الشارح قدسسره : إنه لا خلاف فيه [١].
واضح ، إذ ليس في
الأدلة النقلية ما يدل على اعتبار الفورية ، والأمر المطلق إنما يدل على طلب
الماهية من غير إشعار بفور ولا تراخ ، كما بيناه مرارا.
وإنما قيد المصنف
التأخير بالمانع ليترتب عليه ما بعده من الفروع ، وذكر الشارح ـ قدسسره ـ أن وجه التقييد
دفع توهم بطلان النذر مع المانع لكون المنذور غير مقدور عليه حينئذ ، وذلك لأن
المعتبر في بطلانه سلب القدرة في جميع الأوقات التي تدخل تحت الإطلاق [٢]. وهذا الوهم بعيد
جدا ، ودفعه بهذا التقييد أبعد. والمتجه ما ذكرناه.
قوله
: ( ولو تمكن من أدائه ثم مات قضي عنه من أصل تركته ، ولا يقضى عنه قبل التمكن ).
أما أنه لا يقضى
عنه إذا مات قبل التمكن من أدائه فظاهر ، للأصل السالم من المعارض.
وأما وجوب قضائه
من أصل التركة إذا مات بعد التمكن من الحج فمقطوع به في كلام أكثر الأصحاب ،
واستدلوا عليه بأنه واجب مالي ثابت في الذمة فيجب قضاؤه من أصل ماله كحج الإسلام ،
وهو استدلال ضعيف ، أما أولا فلأن النذر إنما اقتضى وجوب الأداء ، والقضاء يحتاج
إلى أمر جديد كما في حج الإسلام ، وبدونه يكون منفيا بالأصل السالم من المعارض.
وأما ثانيا فلمنع
كون الحج واجبا ماليا ، لأنه عبارة عن المناسك المخصوصة ، وليس بذل المال داخلا في
ماهيته ولا في ضرورياته ، وتوقفه