إنما وجب عليه
الحج والحال هذه لتحقق الاستطاعة ـ التي هي القدرة على تحصيل الزاد والراحلة ـ بعد
إجارة نفسه لذلك ، وإن كانت الإجارة غير واجبة ، لعدم وجوب تحصيل شرط الواجب
المشروط.
وأورد هنا إشكال [١] ، وهو أن الوصول
إلى مكة والمشاعر قد صار واجبا على الأجير بالإجارة ، فكيف يكون مجزيا عن حجة
الإسلام ، وما الفرق بينه وبين ناذر الحج في سنة معينة إذا استطاع في تلك السنة
لحجة الإسلام ، حيث حكموا بعدم تداخل الحجتين.
وجوابه : أن الحج
الذي هو عبارة عن مجموع الأفعال المخصوصة لم تتعلق به الإجارة ، وإنما تعلقت
بالسفر خاصة ، وهو غير داخل في أفعال الحج ، وإنما الغرض منه مجرد انتقال البدن
إلى تلك الأمكنة ليقع الفعل ، حتى لو تحققت الاستطاعة فانتقل ساهيا أو مكرها أو
على وجه محرم ثم أتى بتلك الأفعال صح الحج ، ولا يعتبر وقوعه لأجل الحج قطعا ،
وهذا بخلاف نذر الحج في السنة المعينة ، فإن الحج نفسه يصير واجبا بالنذر ، فلا
يكون مجزيا عن حجة الإسلام ، لاختلاف السببين ، مع احتمال التداخل فيه أيضا ، كما
سيجيء بيانه إن شاء الله تعالى [٢].
قوله
: ( ولو كان عاجزا عن الحج فحجّ عن غيره لم يجزئه عن فرضه ، وكان عليه الحج إن وجد
الاستطاعة ).
هذا مذهب الأصحاب
لا أعلم فيه مخالفا. واستدل عليه في المنتهى [٣] بأن من هذا شأنه يصدق عليه بعد اليسار أنه مستطيع ولم يحج
عن نفسه فيجب عليه الحج ، عملا بالمقتضي السالم من المعارض. وبما رواه