إنما أتى المصنف
هنا بلفظ « في » ولم يجعل المستحق نفس الرقاب على نهج ما قبله ، متابعة للآية
الشريفة ، وذكر جمع من المفسرين أن الوجه في العدول فيها من « اللام » إلى « في »
أن الأصناف الأربعة الأولى يصرف المال إليهم حتى يتصرّفوا فيه كيف شاؤا ، وأما
الأربعة الأخيرة فلا يصرف المال إليهم كذلك ، بل إنما يصرف في جهات الحاجات
المعتبرة في الصفات التي لأجلها استحقوا الزكاة ، ففي الرقاب يوضع في تخليص رقابهم
من الرّقّ والأسر ، وفي ( الْغارِمِينَ ) يصرف المال إلى
قضاء ديونهم ، وكذا ( فِي سَبِيلِ اللهِ ) و ( ابْنِ
السَّبِيلِ )[١].
وقال في الكشاف :
إنما عدل للإيذان بأنهم أرسخ في استحقاق التصدق عليهم ممن سبق ، لأن « في » للوعاء
فنبّه به على أنهم أحقاء بأن يجعلوا مصبّا للصدقات ، وتكرير « في » في قوله ( وَفِي
سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) فيه فضل ترجيح لهذين على الرقاب (
وَالْغارِمِينَ )[٢].
قوله
: ( وهم ثلاثة : المكاتبون ، والعبيد
الذين تحت الشدة ، والعبد يشترى ويعتق وإن لم يكن في شدة ، لكن بشرط عدم المستحق ).
أما جواز الدفع من
هذا السهم إلى المكاتبين والعبيد إذا كانوا في ضرّ وشدّة فهو قول علمائنا وأكثر
العامة [٣] ، لظاهر قوله تعالى ( وَفِي الرِّقابِ ) والمراد إزالة
رقّها فيتناول الجميع.
[١] منهم النيسابوري
في غرائب القرآن ( جامع البيان للطبري ١٠ ) : ١١١ ، والبيضاوي في تفسيره ٣ : ٧٢.