الأول : إن من لا
يلزمه الجمعة إذا حضرها جاز له فعلها تبعا وأجزأته عن الظهر ، وهذا الحكم مقطوع به
في كلام الأصحاب ، بل قال في المنتهى : لا خلاف في أن العبد والمسافر إذا صليا
الجمعة أجزأتهما عن الظهر ، وحكى نحو ذلك في البعيد [١]. وقال في التذكرة
: لو حضر المريض والمحبوس بعذر المطر أو الخوف وجبت عليهم وانعقدت بهم إجماعا [٢]. وقال في النهاية
: من لا تلزمه الجمعة إذا حضرها وصلاها انعقدت جمعته وأجزأته ، لأنها أكمل في
المعنى وان كانت أقصر في الصورة ، فإذا أجزأت الكاملين الذين لا عذر لهم ، فلأن
تجزي أصحاب العذر أولى [٣].
ويمكن المناقشة في
هذه الأولوية ، أما أولا ، فلعدم ظهور علة الحكم في الأصل التي هي مناط هذا
الاستدلال.
وأما ثانيا ،
فللأخبار المستفيضة المتضمنة لسقوط الجمعة عن التسعة أو الخمسة [٤] ، فلا يكون الآتي
بها من هذه الأصناف آتيا بما هو فرضه. إلا أن يقال : إن الساقط عنهم : السعي إليها
خاصة ، فإذا أتوا به توجه إليهم الخطاب بفعلها ، بدليل أن من جملة التسعة من كان
على رأس فرسخين ، ولا خلاف في وجوب الجمعة عليه مع الحضور ( ويشهد له ما رواه
الشيخ عن ) [٥] حفص بن غياث ، عن ابن أبي ليلى ، قال : « إن الله عزّ وجلّ
فرض الجمعة على جميع المؤمنين والمؤمنات ، ورخص للمرأة والمسافر والعبد أن لا
يأتوها ، فلما حضروها سقطت الرخصة ولزمهم الفرض الأول ، فمن أجل ذلك أجزأ عنهم »
[٥] بدل ما بين القوسين
في « س » ، « م » : وبما ذكرناه صرح المفيد في المقنعة فقال : وهؤلاء الذين وضع
الله عنهم الجمعة متى حضروها لزمهم الدخول فيها وأن يصلوها كغيرهم ويلزمهم استماع
الخطبة والصلاة ركعتين ، ومتى لم يحضروها لم تجب عليهم وكان عليهم الصلاة أربع
ركعات كفرضهم في سائر الأيام ، واستدل عليه الشيخ في التهذيب بما رواه.