الثاني : إنّ من
ادعى الإجماع على اشتراط الإمام أو نائبه فإنما أراد اعتبار ذلك في الوجوب العيني
، أو مع حضور الإمام عليهالسلام لا مطلقا.
وممن صرح بذلك
الشيخ ـ رحمهالله ـ في الخلاف ، فإنه قال ـ بعد أن اشتراط في الجمعة إذن الإمام أو نائبه ونقل
فيه الإجماع ـ : فإن قيل : أليس قد رويتم فيما مضى من كتبكم أنه يجوز لأهل القرايا
والسواد من المؤمنين إذا اجتمع العدد الذي تنعقد بهم أن يصلوا جمعة؟ قلنا : ذلك
مأذون فيه مرغّب فيه ، فجرى ذلك مجرى أن ينصب الإمام من يصلي بهم [١].
وقال المصنف ـ رحمهالله ـ في المعتبر :
السلطان العادل أو نائبه شرط في وجوب الجمعة عند علمائنا [٢]. ثم قال : لا
يقال لو لزم ما ذكرتم لما انعقدت ندبا مع عدمه ، لانسحاب العلة في الموضعين ، وقد
أجزتم ذلك إذا أمكنت الخطبة ، لأنا نجيب : بأن الندب لا تتوفر الدواعي على اعتماده
فلا يحصل الاجتماع المستلزم للفتن إلا نادرا [٣]. وقال في موضع آخر : لو كان السلطان جائرا فنصب عدلا استحب
الاجتماع وانعقدت جمعة [٤]. هذا كلامه رحمهالله ، وهو صريح فيما ذكرناه.
وقال الشهيد ـ رحمهالله ـ في الذكرى ـ بعد
أن ادعى الإجماع على اشتراط ذلك ـ : هذا مع حضور الإمام عليهالسلام ، وأما مع غيبته
كهذا الزمان ففي انعقادها قولان ، أصحهما وبه قال معظم الأصحاب الجواز إذا أمكن
الاجتماع والخطبتان ، ثم قال : ويعلل بأمرين ، أحدهما : إن الإذن حاصل من الأئمة
[٣] المعتبر ٢ :
٢٨٠. وقال قبلها مستدلا لاعتبار السلطان العادل : وموضع النظر أن الاجتماع مظنة
النزاع ومثار الفتن غالبا والحكمة موجبة حسم مادة الهرج وقطع نائرة الاختلاف ولن
يستمر إلا مع السلطان.