الثالثة : أن يسيل
الدم ، بأن يتعدّى الكرسف إلى غيره بنفسه. وقد أجمع الأصحاب على وجوب الأغسال
الثلاثة في هذا القسم ، وإنما الخلاف في وجوب الوضوء معها ، وتعدّده بتعدد الصلاة
، فاقتصر الشيخ في النهاية والمبسوط على الأغسال [١] ، وكذا المرتضى [٢] ، وابنا بابويه [٣] ، وابن الجنيد [٤]. وقال المفيد ـ رحمهالله ـ : تصلي بوضوئها
وغسلها الظهر والعصر معا على الاجتماع ، وتفعل مثل ذلك في المغرب والعشاء ، وتفعل
مثل ذلك لصلاة الليل والغداة [٥].
ونقل عن ابن إدريس
أنه أوجب على هذه مع الأغسال الثلاثة الوضوء لكل صلاة [٦] ، وإليه ذهب عامة
المتأخرين ، تمسكا بعموم قوله تعالى : ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ) [٧]. وهو متمسك ضعيف
، إذ من المعلوم تقييد الأمر بمن كان محدثا ، ولم يثبت كون الدم الخارج بعد الغسل
على هذا الوجه حدثا ، لأن ذلك إنما يستفاد بتوقيف الشارع ، وهو منتف.
وقد بالغ المصنف
في المعتبر في نفي هذا القول والتشنيع على قائله فقال : وظنّ غالط من المتأخرين
أنه يجب على هذه مع هذه الأغسال وضوء مع كل صلاة ، ولم يذهب إلى ذلك أحد من
طائفتنا. ويمكن أن يكون غلطه لما ذكره الشيخ في المبسوط والخلاف : إنّ المستحاضة
لا تجمع بين فرضين بوضوء ، فظن انسحابه على مواضعها ، وليس على ما ظن ،