وإطلاق النص وكلام
الأصحاب يقتضي أنّه لا فرق في الخوف بين أن يكون على النفس أو المال أو البضع ،
ولا في الخوف بين أن يكون لسبب أو لمجرد الجبن ، ولا في المال الذي يخاف تلفه بين
القليل والكثير ، المضر فوته وعدمه. وبهذا التعميم جزم الشارح ـ قدسسره ـ قال : والفارق
بينه وبين الأمر ببذل المال الكثير لشراء الماء النص ، لا كون الحاصل في مقابلة
الأوّل هو الثواب لبذله في عبادة اختيارا ، وفي الثاني العوض وهو منقطع [١] ، لأنّ تارك المال للصّ وغيره طلبا للماء داخل في موجب
الثواب أيضا [٢].
قلت : وكأنه أشار
بالنص إلى روايتي يعقوب بن سالم ، وداود الرقي [٣] الدالتين على جواز التيمم مع الخوف من اللصّ ، المتناولتين
بإطلاقهما للخوف عن فوات المال القليل والكثير ، وصحيحة صفوان [٤] المتضمنة للأمر
بشراء ماء الوضوء وإن كان بألف درهم مع التمكّن منه.
وفي سند الروايتين
الأوليين ضعف ، وفي دلالتهما قصور ، إلاّ أنهما مؤيّدتان بعموم ما دلّ على رفع
الحرج والعسر ، ولا ريب أنّ في تعريض النفس والمال للصوص حرجا عظيما ومهانة على
النفس ، بخلاف بذل المال اختيارا ، فإنّه لا غضاضة فيه على أهل المروّة بوجه ،
ولعلّ ذلك هو الفارق بين الموضعين.
قوله
: وكذا لو خشي المرض الشديد أو الشين
باستعمال الماء جاز له التيمّم.
المرض الشديد
باستعمال الماء يتحقق بخوف حدوثه ، أو زيادته ، أو بطء برئه ،
[١] يعني به : أنّ
الحاصل في مقابله هو عوضه وثمنه فيكون في ذمة السارق ، بخلاف الأول فإنّ الحاصل في
مقابله هو الثواب.