ونقل عن ابن
بابويه ـ رحمهالله ـ في المقنع أنه أوجب في القطرة من الخمر عشرين دلوا [١]. وربما كان
مستنده رواية زرارة ، عن الصادق عليهالسلام : في بئر قطر فيها قطرة دم أو خمر ، قال : « الدم والخمر
والميت ولحم الخنزير في ذلك كله واحد ينزح منها عشرون دلوا ، فإن غلبت الريح نزحت
حتى تطيب » [٢] وهي قاصرة من حيث السند ، لجهالة بعض رجالها [٣] فلا يسوغ العمل
بها ، وأيضا فإن ظاهرها الاكتفاء بالعشرين في الخمر وما معه مطلقا ، ولا قائل به.
وبالجملة فالفرق
بين قليل الخمر وكثيره متجه ، إلاّ أنّ مقدار النزح في القليل غير معلوم ، ولا
يبعد إلحاقه بغير المنصوص إن قلنا بنجاسة الخمر ، وإلاّ لم يجب في القليل شيء ،
وكان الكلام في الكثير كما في اغتسال الجنب.
واعلم أنّ النصوص
إنما تضمنت نزح الجميع في الخمر [٤] ، إلاّ أنّ معظم الأصحاب لم يفرقوا بينه وبين سائر
المسكرات في هذا الحكم [٥] ، واحتجوا عليه بإطلاق الخمر في كثير من الأخبار على كل
مسكر فيثبت له حكمه. وفيه بحث ، فإن الإطلاق أعم من الحقيقة ، والمجاز خير من
الاشتراك ، ومن ثم توقف فيه المصنف ـ رحمهالله ـ في النافع حيث أسنده إلى الثلاثة [٦] ، وهو في محله.