بل يمكن أن
يقال : إذا باعه من الّذي يعمله ، مع العلم بأنّه يعمله صنما ، وأنّه إنّما اشتراه
ليعمل ، وقد عمله ، فهو قاصد لذلك.
أو يقال : إنّه
لام عاقبة ، فإنّه باع وكان عاقبته أن يعمل صنما ، كما يقال في «لدوا للموت وابنوا
للخراب» [١].
ومما يستبعد
الجواز وعدم البأس ـ وهو الباعث علي تأويل كلامهم ـ [٢] أن يجوز للمسلم ان يحمل خمرا لأن يشرب ، والخنزير لأن
يأكله من لا يجوز له أكله ، ويبيع الخشب وغيره ليصنع صنما ، والدّفوف والمزمار ،
مع وجوب النّهي عن المنكر ، وإيجاب كسر الهياكل وعدم جواز الحفظ ، وكسر آلات اللهو
، ومنع الشّرب ، والحديث الدّالّ على لعن حامل الخمر وعاصرها المذكور في الكافي [٣] ـ وقد تقدّم ـ وكذا ما تقدّم [٤] في منع بيع السّلاح لأعداء الدّين ، فإنّه يحرم للإعانة
علي الإثم ، وهو ظاهر ، والله يعلم.
ويؤيّده ، أيضا
ما يدلّ علي تحريم بيع الخشب ممّن يعمله صليبا من غير قيد «ليعمل» ولا معارض ، وهي
حسنة ابن أذينة ، قال : «كتبت إلى أبي عبد الله عليه السلام أسئله عن رجل له خشب ،
فباعه ممن يتخذه برابط؟ فقال : لا بأس به. وعن رجل له خشب ، فباعه ممّن يتّخذه
صلبانا ، قال : لا» [٥].
ورواية عمرو بن
حريث ، قال : «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
[١] روي الرّضي في
نهج البلاغة عن أمير المؤمنين ع أنّه قال : «إنّ الله ملكا ينادي في كلّ يوم : لدوا
للموت واجمعوا للفناء وابنوا للخراب» نهج البلاغة ، بشرح محمد عبده ، ج ٣ ص ١٦٩.
[٢] الذي ذكره أنفا
بقوله : ويمكن حمل كلام المصنف وغيره.
[٣] الفروع من الكافي
ج ٦ ص ٣٩٨ ، وجاء في الوسائل ، أبواب ما يكتسب به ، الباب ٥٥ ، الحديث ٤.
[٤] مثل رواية حكم
السّراج ، ورواية هند السّراج ، ورواية السّراد ، وقد تقدّمت الإشارة إليها جميعا.
[٥] الوسائل ،
التجارة ، أبواب ما يكتسب به ، الباب ٤١ ، الحديث ١.
نام کتاب : مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان نویسنده : المحقق المقدّس الأردبيلي جلد : 8 صفحه : 51