لعدم تكليف الباقي الآن : بمعنى انه يجوز لهم الترك فيشتغلون عنه بأمور أخر
، فيصح عنهم ذلك ويجوز وان كان ضدا للأمر بهما ، والأمر بالشيء يكون نهيا عن ضده
الخاص ، والنهي مبطلا للعبادة إذا كان فيها.
وهذا لا خصوصية
له بهذا الواجب ، بل يجرى فيما هو وجوبه كفائي فإنه بالحقيقة نزاع في معنى الكفائي
وتحقيق حكمه ، بأنّ المعتبر في جواز ترك الباقين ذلك ، أيّ شيء هو؟ ، هل يكفى ظن
الوقوع ، وظن سقوط الواجب في ذلك أم لا ، بل لا بد من العلم ، فيجب ان يتوجه الكل
ويشتغلون به حتى يتحقق.
وظاهر كلامهم ـ
حيث جعلوا النزاع في كون هذا كفائيا أو عينيا ، بمعنى وجوب المبادرة على الكل حتى
يحصل المطلوب ، أو علم عدم الوجوب ، وان ظنوا أو علموا انه يقوم به واحد كما
ذكرناه وصرح به في الشرح وغيره ـ كفاية ذلك في سائر الواجب الكفائي.
ووجه الكفاية
في غيره دونه غير ظاهر ، وليس كثرة أدلته ـ وعدم احتياجه الى دليل ، ولا احتمال
عدم الايتمار بالأمر من يقوم به والانتهاء بنهيه ـ وجها [١] لذلك ، لانه لا يتفاوت الحكم بعد ثبوته بأدلته ، بين الكثرة
والقلة.
وليس بأوضح من
أحكام الأموات ، والفرض كفاية من يقوم ، وان فرض عدمها أو احتمل ذلك فيخرج عن محل
النزاع ، وقد يفرض مثله في غيره أيضا.
وبالجملة كان
المناسب جعله كفائيا من غير نزاع ، ثم البحث في سقوط الواجب الكفائي بالفعل وفي
طريق التكليف به ، وجواز التأخير وعدمه.
وما أجد وجه
جعل النزاع فيه فقط على وجه لا يجري في جميع الواجبات الكفائية ، وان البحث فيه
بالحقيقة راجع الى تحقيق الواجب الكفائي.