والدفن ، وهو آخر أمر العباد ، مع وجوبه وكونه بهذه الدقة ، وعدم جواز
التقليد فيه ، ولا يليق أيضا إهماله وتركه إهالة على علم الهيئة : لأنه لا يحصل
الا لمن يصرف أكثر عمرة ، بل كله فيه ، وترك غيره ، مع ذكاء تام ، فكيف يكلف به في
أول البلوغ ، وكيف يكلف الغير من النساء العجائز التي لا تعرف شيئا ، بل أكثر
الناس رجالا ونساء كذلك ، مع اهتمام الشارع بسائر الأحكام حتى أحكام الخلاء
بالتفصيل ، ومندوبات الأذان وغيرهما : فلو لا خوف المخالفة لا كتفيت بظاهر (شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) في الآية المتقدمة والسنة المطهرة سيما للعامي ، وجوزت
له تقليد العارف الموثوق به ، ومع ذلك ، ظني ذلك.
ولكن الكلام في
العمل على ظني فإنه لا يغني من الجوع : على ان اكتفاء الأصحاب ـ بمثل قبور
المسلمين وقبلتهم ، مع عدم ظهور الفساد : والاكتفاء بالنظر الى الجدي وجعله بحسب
ظنه الى المنكب أو الكتف لجميع أهل العراق على الاجمال : وكذا اعتبار الشرق والغرب
مع مخالفتهما للجدي ـ قريب مما قلته ، فتأمل ، واعتد بالإخلاص فإنه الأصل والأساس
، والله الموفق للسداد والصواب ، واليه المرجع والمآب.
قوله
: «(ويستحب للنوافل)» يحتمل ان يكون المراد به : معناه الظاهر ، كما هو الظاهر ، ومذهب المصنف
هنا لما هو المفهوم من قوله : و (الى غير القبلة) : وان يكون بمعنى الشرط كالطهارة
لها :
ويدل على الأول
، الأصل ، وقوله تعالى (فَأَيْنَما تُوَلُّوا
فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) فإنه حمل على الندب مطلقا ، للدليل على وجوب الجهة
المعينة ، في الفريضة من الكتاب ، والسنة والإجماع ، ولا ضرورة لحمله على حال
السفر والركوب ، ولا على النسخ : ولا تدل آية التوجه على اشتراط القبلة فيها ،
للرواية الصحيحة ان قوله تعالى (فَوَلِّ وَجْهَكَ) ، في الفريضة ، مثل ما روى في الفقيه : فان الله عز وجل
يقول لنبيه في الفريضة (فَوَلِّ وَجْهَكَ
شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ
شَطْرَهُ) ، وفعلهم ـ دائما صلوات الله عليهم ، النافلة على
القبلة ، لو ثبت ـ
نام کتاب : مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان نویسنده : المحقق المقدّس الأردبيلي جلد : 2 صفحه : 60