اعتبار هما في العين ، وعدم تحققهما : لأنها يتفاوتان بأدنى التفاوت ، ولو
بمثل شعرة ، مع انه يجوز الالتفات يمينا وشمالا ، ولا يعلم ، بل ولا يظن المصلى
وقوفه كذلك في صلاتين في موضعين ، بل في موضع واحد في ركعة واحدة ، لانتقال قدميه
وأعضائه ، وهو ظاهر : ومع ذلك لا بد من ضم الوقوف على وجه يكون على العلامة الخاصة
: فهو يكفى : وكذا في أكثر تعريفات الجهة ، فينبغي الاختصار عليه كما أشرنا.
وان أردت
تعريفا للجهة ، للضبط ، فقل : انها جانب توجه المصلي اليه على الوجه الشرعي : فإنه
أخصر ، وأوضح ، وأسلم ، فتأمل.
ومما يبعد
اعتبار ذلك ، وسعة الجهة باعتبار العلامات ، فإنها بعيدة ، فيبعد اتفاق اعتبار
شخصين ، بل شخص واحد سمتا واحدا : ولأن الجدي له وسعة ، وكذا المنكب : ولا يمكن
الزوايا في كل موضع منه : فكان الاولى ترك هذا البحث : لكن توجهنا اليه قليلا ،
للإشارة إلى فساد ذلك بناء على اعتقادنا ، حتى لو تأمله شخص ، لا يوجب على نفسه
مثل ذلك بمجرد ما قيل تأسيا.
وبالجملة انا
أجد أمر القبلة أسهل ما يكون ، كما يدل عليه ظاهر القرآن الكريم (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ
اللهِ)[١] و (شَطْرَ الْمَسْجِدِ
الْحَرامِ)[٢] والسنة الشريفة : مثل (ما بين المشرق والمغرب قبلة) [٣] وهو في الصحيح في الفقيه والتهذيب : وغيره من الاخبار ،
والشريعة السهلة السمحة : وفقد ما يصلح دليلا : إذ ليس في الروايات إلا خبرين
ضعيفين مجملين كما ستقف عليه ، للعراقي فقط ، ولا يليق للشارع ، إهمال ما يتوقف
عليه أصل كل العبادة ، والذبح الحلال الطاهر ،
الى ذلك الخط ، فان
وقع عليه على زاوية قائمة ، فذاك هو الاستقبال ، وان كان على حادة ومنفرجة ، فهو
الى ما بين المشرق والمغرب إلخ وهذا التعريف مخصوص بجهة العراقي ، وتبعه على ذلك
المحقق الشيخ على ، الا انه اتى بتعريف يشمل جميع البلاد ، فقال : المراد بالجهة
ما يسامت الكعبة عن جانبيها ، بحيث لو خرج خط مستقيم من موقف المستقبل تلقاء وجهه
، وقع على خط جهة الكعبة بالاستقامة ، بحيث يحدث عن جبينيه زاويتان قائمتان : فلو
كان الخط الخارج من موقف المصلى واقعا على خط الجهة ، لا بالاستقامة ، بحيث يكون
احدى الزاويتين حادة والأخرى منفرجة ، فليس مستقبلا لجهة الكعبة انتهى.