الغصبى ، فاشتغل به عن ذلك فصار حراما فيبطل. وهذا انما يتم لو فرض مانعيته
فيه ، من حيث هو ، عن الخروج عن المكان الغصبى حتى يحصل المنافاة.
ويمكن ان يقال
: لا شك انه مأمور بالوضوء في المكان المباح ، إذ الشارع لا يجوّز الوضوء في
المكان الغصبى ، وهو ظاهر ، والمفهوم عرفا ولغة من مثل هذا الكلام عدم الرضا
بالوضوء في المكان الغصبى وبطلانه فيه وعدم قبوله منه في ذلك المكان ، فتأمل.
ولانه لم يأت بالمأمور به عرفا وعلى حسب تعارف العامة كما هو الظاهر ، انه المعتبر
في خطاب الشرع ، لا الأمور الدقيقة التي لا يدركها الا الحذاق مع اعمال الحذق
التام والفكر العميق.
نعم العقل
يجوّز الصحة لو صرح بأنه لو فعلت في المكان الغصبى بعد نهيك عنه ، لصح ، وعوقبت
بما فعلت من مخالفة الأمر في الجملة.
ولمثله يمكن
القول بالبطلان في كثير من العبادات ، بل بعض المعاملات والمناكحات وغيرها أيضا ،
حتى بالبطلان في البيع يوم الجمعة وقت تحريمه ، بل ببطلان النكاح في المكان على
تقدير تحريمه ما لم يفهم من دليل ، صحته. وتحقيق ذلك كله في التعليقات على العضدي.
ولعل نظر المتقدمين الى هذا حيث حكموا ببطلان البعض ، والطهارة في المكان المغصوب
كما هو المشهور الان أيضا بين المتأخرين قبل حدوث هذا التحقيق والتدقيق.
ثم اعلم ان
الشارح [١] حكم هنا ببطلان الوضوء وأداء الزكاة والخمس والكفارة ،
بل الصوم في الجملة بمجرد أن المكان من ضرورياته ، نقلا عن الشهيد ، مع ما عرفت
هنا وفيما مر من اعتراضه على بطلان العبادة بالنهي وليس له سبب الا ذلك ، ونقل
القطع عن المصنف بالبطلان في ذلك كله ، ولعله نظر الى ما صورناه أخيرا لما عرفت ،
والله يعلم.
[١] قال في روض
الجنان : وكما تبطل الصلاة فيه فكذا ما أشبهها من الأفعال التي من ضرورتها المكان
، وان لم يشترط فيها الاستقرار كالطهارة وأداء الزكاة والخمس والكفارة وقراءة
القرآن المنذور ، واما الصوم في المكان المغصوب فقطع الفاصل بجوازه ، لعدم كونه
فعلا لا مدخل للكون ، فيه ، ويمكن مجيء الاشكال فيه اعتبار النية فإنها فعل فيتوقف
على المكان كالقراءة انتهى.
نام کتاب : مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان نویسنده : المحقق المقدّس الأردبيلي جلد : 2 صفحه : 112