إلّا أنّ
المراد بظهور البطلان غير ظاهر ، وقد يشتبه ذلك بتغيّر الاجتهاد الذي لا يجب نقض
الحكم ولا إخراجه من الكتاب كما نراه في الكتب ، فإنّ في كتاب واحد يوجد الفتويان
المختلفان ، وقد لا يكون بينهما فاصلة إلّا قليلا ، وإن كنّا نحن نجد أنّ ضرب ذلك
أيضا أولى ، وإعلام من أخذه وعمل ، لئلّا يعمل بعده ، ويعلم فتواه المتأخّر. نعم
لا يجب إبطال العمل الذي عمل به ، مثل أن صلّى صلوات وترك جلسة الاستراحة ، ثمّ
ظهر له وجوبها لم يجب عليه وعلى مقلديه قضاء تلك الصلوات.
والظاهر أنّ
المراد بظهور البطلان الذي يجب به نقض الأول ، هو العلم ببطلان الحكم الأول بظهور
دليل من الكتاب والسنة والإجماع المتواتر مع كونه نصّا في الباب وإنّما صار إلى
خلافه لظنّ عدمه ، أو غفلة عن ذلك حين التفحّص ، وبالجملة لتقصير في الاجتهاد
والسعي في طلب الدليل. وكذا لو وجد الخبر الواحد المعمول به عنده ، أو عامّا ، أو
مفهوم موافقة ، بل مخالفة ، حجّة عنده أيضا ، أو قياسا جليّا كذلك.
وبالجملة ، أن
يوجد دليل يجب العمل به عنده ، وما رآه وعمل بغيره من الأدلّة التي ليست بحجّة مع
وجود تلك مع تقصير في التفتيش والسعي والاجتهاد ، بناء على ظنّ كفاية ما سعى ،
واكتفى بمثل الأصل والشهرة وعدم ظهور الخلاف ، وحسن ظنّه ببعض العلماء حيث نظر في
كتابه ، وما رآه فظنّ أنه لو كان لذكره ، مثل أن نظر في المختلف أو المنتهى وما
رأى له دليلا فزعم أن لا دليل فأفتى وحكم بخلاف الحقّ للأصل ، ثم ظهر ما ذكرناه من
الأدلّة المفيدة للظنّ ، وإن لم تكن قاطعة مثل الأول [١].
[١] وهو دليل الكتاب
أو المتواتر من السنّة والإجماع ـ كذا في هامش بعض النسخ.
نام کتاب : مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان نویسنده : المحقق المقدّس الأردبيلي جلد : 12 صفحه : 85