والعجب فرقهم
مع هذه الرواية والعمل بالضعيف مع التأويل وحذف بعضها ، ولعلهم حملوا قوله عليه
السلام في الرواية : (شرع سواء) على الغسل في الصبي مع الأكل ومطلق الجارية ، وهو
لا يخلو عن بعد.
ثم انه على
تقدير عدم وجوب العصر يلزم طهارة كل ما يصل اليه الماء القليل مثل القرطاس والطين
والحجر ذي المسامّ والفواكه المكسورة ، وهذا [١] أحد أدلته لأنه يلزم الحرج والضرر المنفي عقلا وشرعا
ومناف للشريعة السمحة ويلزم تضييع المال ، لأن في أكثر الأوقات لا يوجد الجاري
والكثير سيما في الحجاز في أوائل الإسلام ، وفي البراري عند أهل الجمل والغنم
والجلود التي تقبل الماء كثيرا بل قد تقبل أكثر من بعض الفواكه المكسورة وغيرها
ممّا حكم بعدم تطهيرها بالقليل ، بل لا يبعد ذلك مع الوجوب أيضا لما قالوا في
الثخين لما مرّ [٢]
وبالجملة
الشريعة السهلة السمحة تقتضي طهارة كل شيء بالماء مطلقا مع أدلة مطهريّة الماء
الّا ما تيقن عدم تطهيره به (مع ندرة تنجسه مثل الماء القليل) بنصّ أو إجماع ونحوه
، فان المقدار الباقي من الماء المستعمل في هذه الأشياء [٣] ليس بأكثر ممّا يبقى في الثياب بعد العصر المعتدل
والبدن والجلود الناعمة ، والحذاء مع حكمهم بالطهارة به.
وليس ذلك بأبعد
من اللّحم والشحم النجس مع قولهم بالطهارة بالقليل ، ويعلم من المنتهى جواز تطهير
اللحم المطبوخ الذي مرقه نجس بالقليل ، لكن بعد ثلاث غسلات مع تيبيسه بعد كل غسلة
ـ وكأنّ التيبيس بقوله : (بالعصر) وكذا الحبوب مثل السمسم والحنطة والخشب إذا
تنجس.
ولا يخلو
اشتراط التيبيس من بعد ، فان الظاهر نجاسة باطنها ولا ينفع
[١] يعنى لزوم طهارة
المذكورات أحد أدلة عدم لزوم العصر في المتنجسات.
[٢] من قوله قده في
أول هذه المسئلة : فهو ان الماء الملاقي إلخ.