جهة التحريم أمومة الامّ للشخص، و أمّا امومتها لأخيه أو بنوّتها لجدّيه أو أخوّتها لخاليه، فلم يستفد من دليل كونها جهة للتحريم.
فثبت بهذا أنّ النسب الذي يصلح [كونه] [1] جهة للتحريم ليس إلّا ما يكون مبدأ لإحدى الصفات المعنونة بها المحرّمات في الكتاب و السنّة.
و على هذا فإذا أرضعت امرأة أخاك فلا تحرم عليك؛ لأنّها أمّ أخيك، و لم يثبت حرمة أمّ الأخ من جهة النسب، إذ لا نسب بينك و بينها من حيث إنّها «أم أخيك» بل النسب بينها و بين نسيبك، و النسب بين شخص و بين نسيبه لم يثبت كونه جهة للتحريم.
و من هنا يظهر فساد ما ذهب إليه شرذمة من المتأخّرين [2]: من عموم التنزيل في الرضاع، و عدم الفرق بين أن يحصل بالرضاع أحد العناوين المذكورة في أدلّة التحريم، و بين أن يحصل به ما يستلزم أحدها؛ فكما أنّ المرتضعة بلبنك محرّمة عليك من حيث إنّه حصل بالرضاع بنوّتها لك، فكذلك مرضعة ولد بنتك حيث إنّه حصل بالرضاع امومتها لولد بنتك، و أمّ ولد البنت محرّمة نسبا لكونها بنتا، فكذلك أمّ ولد بنتك رضاعا؛ إلى غير ذلك.
و قد عرفت وجه فساد ذلك، و حاصله: أنّ الحديث النبويّ إنّما حرّم بالرضاع ما حرّم من جهة النسب، و أمّ ولد البنت لم تحرم من جهة النسب،
[2] مثل السيّد الداماد في رسالته المسمّاة ب«ضوابط الرضاع» المطبوع ضمن «كلمات المحقّقين»: 16 و 17. و الآخوند الملّا أبو الحسن الشريف جدّ صاحب الجواهر، انظر الجواهر 29: 323.